شيخنا ( دام ظلّه ) : ليس جعل الموضوع وإيجاده ثمّ التّمسّك بالدّليل المثبت للحكم ، بل مرجعه إلى جعل ما حمل عليه من الأحكام الشّرعيّة في مرحلة الظّاهر ، فكيف يقال : إنّ نقض اليقين بذلك الدّليل لا بالشّك؟ وإن كان ما أفاده ( دام ظلّه العالي ) بالنّسبة إلى العمل باستصحاب نجاسة الثّوب بقوله : ( بيان ذلك : أنّه لو عملنا باستصحاب النّجاسة ... إلى آخره ) (١) مستقيما ؛ ضرورة عدم كون زوال الطّهارة عن الماء من الأحكام الشّرعيّة لنجاسة الثّوب ، وإن كان بقاؤها في الثّوب في مرحلة الواقع كاشفا عن سبق تنجّس الماء قبل غسل الثّوب به.
لكنّه على ما عرفته مرارا لا يفيد في المقام حتّى على القول باعتبار الأصول المثبتة ، اللهمّ إلّا أن يوجّه ما أفاده : بأنّ غرضه ممّا ذكره ليس ما يتراءى من ظاهره من التّمسّك باستصحاب الموضوع ، أي : طهارة الماء في المثال ثمّ التّمسّك بالدّليل المثبت لحكمه ، بل غرضه التّمسّك باستصحاب الموضوع بعد الفراغ عن ثبوت حكمه المذكور بالدّليل الاجتهادي وبملاحظته فيرجع إلى ما ذكرنا من البيان لوجه تقديم الاستصحاب في الشّك السّبب على الاستصحاب في الشّك المسبّب.
ومن هنا يتوجّه عليه الإشكال المذكور بقوله : ( وقد يستشكل : بأنّ اليقين بطهارة الماء واليقين بنجاسة الثّوب المغسول به ... إلى آخره ) (٢) إذ هو صريح في جعل الاستصحاب في الشّك السّبب بنفسه دليلا على عدم شمول العام للشّك المسبّب من دون ضمّ شيء آخر إليه.
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ٣ / ٣٩٧.
(٢) نفس المصدر.