مجلس البحث الميل إلى الفرق كما اخترناه وكلامه في الجزء الأوّل من « الكتاب » عند البحث عن دليل الانسداد لا يأبى من الحمل على كلّ من الوجهين وإن كان محتملا لوجه ثالث قد أشرنا إليه ثمّة فراجع.
ثمّ إنّ توضيح الوجه فيما ذكرنا ما أسمعناك مرارا : من أنّ الغاية الرّافعة للأصول أعمّ من العلم التّفصيلي والإجمالي المتعلّق بالخطاب الإلزامي المنجّز المتوجّه إلى مكلّف خاصّ لا الأعمّ من العلم الإجمالي بقول مطلق ، وهذا التّقييد وإن كان يأباه الجمود على ظواهر الأخبار النّاهية عن نقض اليقين بغير اليقين ، ومن هنا ربّما توهّم : الفرق بين الاستصحاب وأصالة البراءة ، إلّا أنّه لا مناص عنه بعد التّأمّل.
ومن هنا اختار شيخنا في الصّورة الثّالثة : العمل بالاستصحابين معا مع فرض العلم بارتفاع الحالة السّابقة في أحدهما ، فليس مطلق اليقين بارتفاع الحالة السّابقة إجمالا مانعا عن جريان الاستصحابين ما لم يستلزم من أعمالهما طرح الخطاب التّكليفي المنجّز ، فكلامه في المقام ربّما ينافي ما أفاده في الصّورة الثّالثة ، هذا كلّه فيما لو علم ببقاء إحدى الحالتين وارتفاع الأخرى فيما كانت الحالة السّابقة فيهما النّجاسة.
وأمّا لو علم بارتفاع إحدى الحالتين مع عدم العلم ببقاء الأخرى فلازم ما أفاده في المقام : من عدم جريان الاستصحابين الرّجوع إلى قاعدة الطّهارة لا الحكم بوجوب الاحتياط ، وإن كان لازم ما ذكرنا العمل بالاستصحابين في الفرض أيضا كما هو ظاهر ، فكأنّ هذا الفرض خارج عن مورد كلامه.
ولازم ما أفاده في المقام : من انتقاض الاستصحابين بالعلم الإجمالي