وبالجملة : القول : بأنّ الوجود التّقديري ليس له حظّ من الوجود وإنّما هو من العدم المحض ممّا لا يحتاج فساده إلى إقامة برهان وترتيب قياس لأنّه ممّا يشهد به الضّرورة.
وإن أراد ممّا ذكره مع تسليم كون الوجود التّقديري أيضا نحوا من الوجود أنّ المعتبر في جريان الاستصحاب الوجود التّنجيزي ، ولا يكفي فيه الوجود التّعليقي.
ففيه : أنّه لا شاهد لهذه الدّعوى أصلا ، بل الدّليل على خلافها ؛ فإنّه بعد تسليم : أنّ الوجود التّقديري أيضا نحو من الوجود ؛ نظرا إلى أنّ اختلاف الوجودات وتعدّدها ـ من حيث إنّ وجود كلّ شيء بحسبه ـ لا يمنع مانع من الحكم ببقائه في زمان الشّك في ارتفاعه والالتزام بمقتضاه ؛ فإنّه لا فرق في هذا اللّحاظ بينه وبين الوجود التّنجيزي أصلا ، فيشمله أخبار الباب ودليل العقل أيضا بناء على القول باعتبار الاستصحاب من باب العقل ؛ إذ لا يعقل الفرق على تقديره أيضا بين أنحاء الوجود كما لا يخفى.
وأمّا ثانيا : فلأنّا نسلّم كون المعتبر في جريان الاستصحاب هو الوجود التّنجيزي وأنّه لا يكفي الوجود التّعليقي ، إلّا أنّا نقول : إنّ في جميع موارد الاستصحابات التّعليقيّة يكون موجود منجّز يجري الاستصحاب فيه ويكفي عن إجرائه في الموجود التّعليقي.
توضيح ذلك : أنّه إذا قال الشارع العنب يحرم ماؤه إذا غلى يكون هناك ثلاثة أشياء : لازم ـ وهو حرمة ماء العنب على تقدير الغليان ـ وملزوم ، وملازمة الّتي تعبّر عنها بسببيّة الغليان للتّحريم.
أمّا اللّازم : فقد عرفت : أنّ له وجود تقديري يمكن إجراء الاستصحاب فيه