المناسبة ، لم يعقل أن يقصد باللفظ النوع تارة والمثل اخرى ، لأنّ المناسبة إذا كانت بين اللفظ ونوعه فكيف يدلّ على مثله ، وإن كانت بينه وبين مثله فكيف يدلّ على نوعه ، وإذا كان اللفظ مناسبا لهما معا ، فمع أنّه غير معقول يلزمه أن يكون دالا عليهما معا في استعمال واحد.
ويمكن الجواب عنه : بأنّ المناسبة إنّما هي بين اللفظ وبين النوع لكن يكون إرادة خصوص صنف خاص أو خصوص مثال ولفظ خاص إنّما هي بالقرينة.
ثم لا يخفى أنّ ما اريد به نوعه أو صنفه لا بد فيه أن يكون ذلك اللفظ الملقى من أفراد ذلك النوع أو ذلك الصنف ، وذلك وإن كان ممكنا في النوع كما إذا كان المحمول شاملا لذلك اللفظ الملقى مثل قولك : ضرب ثلاثي ، دون مثل قولك : ضرب فعل ماض ، أمّا الصنف فانه لا يمكن فيه ذلك ، إذ لا بد في كونه صنفا من كونه محدودا بحد مثل قولك : زيد بعد ضرب فاعل ، ومن الواضح أنّ ذلك لا ينطبق على اللفظ الملقى ؛ لأنّ ذلك اللفظ الملقى ليس بفاعل ، وحينئذ فلا بد أن يكون المراد من القسم الثاني هو إطلاق لفظ مثل زيد وإرادة صنف خاص وهو خصوص ما وقع بعد ضرب ، فلا يكون من قبيل استعمال اللفظ الملقى في صنفه الشامل له ، بل من باب إعماله في صنف خاص لا يشمله ، ومن الواضح أنّ ذلك يتعيّن فيه كونه من باب الاستعمال لا من باب الالقاء كما صنعه في الكفاية بقوله : فإنّه فرده ومصداقه حقيقة ، لا لفظه وذاك معناه ، إلخ (١) إذ بعد فرض عدم كون هذا الملقى فردا من ذلك الصنف ، كيف يكون هذا فرده ومصداقه. نعم
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٥.