تكون منظورا إليها بنفسها وإلاّ لم تكن فعلا اختياريا. نعم إنّ النظر إليها بما أنّها فعل اختياري يكون استقلاليا ، وبما أنّها موجدة للتعظيم يكون النظر إليها آليا ، وهما وإن اتحدا في الزمان إلاّ أنّهما مختلفان في الرتبة ، فالنظر إليه بما أنّه فعل من أفعاله سابق في الرتبة على النظر إليه بما أنّه آلة في تحقق التعظيم ، ومن ذلك إلباسك الثوب لزيد بقصد تمليكك إيّاه.
وهكذا الحال في اللفظ الحاكي للمعنى ، فإنّه بما أنّه فعل اختياري يكون النظر إليه استقلاليا ، وبما أنّه حاك عن المعنى يكون النظر إليه آليا ، فهو في مرتبة حكاية المعنى باللفظ لا يكون ناظرا إلى اللفظ إلاّ آليا ، لكن في مرتبة صدور ذلك اللفظ عنه الذي هو فعل اختياري له يكون ذلك اللفظ منظورا إليه استقلاليا وهما مختلفان في الرتبة ، فاللفظ بما أنّه فعل اختياري سابق في الرتبة على حكاية المعنى به ، ولكن هذا لا دخل له بقصد الوضع ، فإنّه في مرتبة حكايته عن المعنى يقصد وضعه ذلك اللفظ لذلك المعنى ، وهو قاض بالنظر الاستقلالي إلى اللفظ ، فقد اجتمع النظران في رتبة واحدة وهي مرتبة حكاية المعنى باللفظ فلاحظ وتأمّل.
وأنت بالباسك الثوب لزيد بعنوان التمليك وإن كنت ناظرا إلى الثوب استقلالا لأنّك ملّكته لزيد ، إلاّ أنّه ليس في البين ما يوجب كون نظرك إلى الثوب آليا حتى في مرتبة إلباسك ايّاه ، بخلاف اللفظ فانّك في مرتبة حكايتك المعنى به تكون ناظرا إليه آليا ، فلا يصحّ منك في هذه المرتبة قصد وضعه له ، لأنّه يوجب كون نظرك إليه استقلاليا ، فيجتمع النظر الآلي والاستقلالي في مرتبة واحدة وهي مرتبة الحكاية التي تجعل تلك الحكاية وضعا ، فلاحظ وتأمّل. هذا كلّه في الإشكال الذي وجّهه شيخنا قدسسره وهو لزوم اجتماع اللحاظ الآلي والاستقلالي.