وأمّا الإشكال الثاني الذي ذكره في الكفاية (١) والتزم به ، وهو لزوم كون هذا الاستعمال خارجا عن الحقيقة والمجاز ، فهو أيضا لا يتوجّه على القول بكون الوضع تعهّدا أو كونه من أفعال النفس ، وإنّما يتوجّه على القول بكونه حاصلا بنفس الاستعمال قصدا أو قهرا ، لأنّ الوضع على كلّ من هذين الوجهين يكون متأخّرا عن الاستعمال ، ويكون حال الاستعمال المقصود به الوضع أو الذي يتحقّق به الوضع قهرا حال الفسخ من ذي الخيار بوطء الجارية المنتقلة عنه.
ولا مدفع له إلاّ بأن يقال : إنّ الفسخ من أفعال النفس وهو سابق على الوطء ، وحينئذ لا يحتاج إلى أن يقصد به الفسخ ، أو القول بأنّ الشارع قد سوّغ له الوطء الذي يقصد به إنشاء الفسخ ، والأوّل ممنوع والثاني محتاج إلى الدليل القوي الدال على جواز الوطء لغير المالك إذا كان بقصد الفسخ ، وأمّا وطء المطلقة الرجعية بعنوان الرجوع أو لا بعنوان الرجوع ، فهو خارج عن ذلك ، بناء على كون المطلقة الرجعية زوجة ، وأنّها لا تبين إلاّ بانقضاء العدّة ، وعدم الأخذ فيها بآثار الزوجية ، وحينئذ لا يكون الفسخ رجوعا ورفعا للطلاق ، بل هو دفع للبينونة التي ترتب على ذلك الطلاق بعد انقضاء العدّة وعدم الأخذ بأذيال الزوجية ، وما قصده عدم الرجوع بذلك الوطء الاّ من قبيل قصد الزنا بوطء الزوجة غير المطلقة في أنّه لا أثر له إلاّ ما هو من سنخ التجري وإن لم يكن منه حقيقة. نعم لو لم نقل بكون المطلقة الرجعية زوجة ، بل قلنا إنّها بحكم الزوجة ، كان جواز وطئها بعنوان الرجوع محتاجا إلى الدليل على جوازه وعلى تحقق الرجوع به ، وأما وطؤها لا بعنوان
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢١.