الصحيح ومن يدّعي الأعم يحتاج في إثبات دعواه إلى إقامة الدليل عليها ، وهذا أمر آخر لا دخل له بامكان تأتّي النزاع. ولنضرب لذلك مثالا خارجيا ، وهو أن نقول قد علمنا أن الشارع قد استعمل هذه الألفاظ مائة مرة في خصوص الصحيح من هذه الماهيات ، كما أنا نعلم أنه استعملها مائة مرة اخرى في الأعم ، ثم عثرنا على استعمال واحد لم نعلم أنه أراد به خصوص الصحيح أو أراد به الأعم ، فهذه الصورة لا تاتي فيها طريقة شيخنا قدسسره أعني استكشاف المراد من ذلك الاستعمال الواحد من الحقيقة المتشرعية. نعم تأتي فيها طريقة الكفاية من دعوى الأولية ، لكنك قد عرفت منعها في المقام ، سواء كان المنشأ فيها هو الأقربية إلى المعاني الأصلية ، أو كان المنشأ فيها هو سبك مجاز عن مجاز ، أما إذا لم يكن لنا علم بحال تلك الاستعمالات أعني المائتين والواحد ، ولم نعلم إلاّ أنّه أراد بها المعاني الجديدة مجازا ، ولم نعلم أنها كلا للصحيح أو كلا للأعم أو هي مبعّضة ، كانت طريقة شيخنا قدسسره جارية فيها ، بل لعلّه يمكن إجراء طريقة الكفاية فيها ، بدعوى أن المتعيّن مثلا هو كون المراد في جميع تلك الاستعمالات هو الأعم ، أو كون المراد بها هو الصحيح ، بدعوى كون ذلك هو المجاز الأول ، لكنك قد عرفت المنع من هذه الأولية.
ولا يخفى أنّه لو تمت طريقة صاحب الكفاية في إجراء النزاع بين الصحيح والأعم على تقدير عدم ثبوت الحقيقة الشرعية ، يكون جريان هذا النزاع على تقدير عدم الثبوت أوضح منه على تقدير الثبوت ، إذ على تقدير عدم الثبوت يكون مدرك القول بالصحيح ومدرك القول بالأعم هو دعوى أولية المجاز ، وهي لو صحت يكون الأمر فيها سهلا ، بخلاف ما لو قلنا بثبوت الحقيقة الشرعية فانه يصعب إثبات القول بأنّه خصوص