وعلى أيّ حال ، أن نفس هذا القول وهو أن الشارع لم يستعملها إلاّ في الدعاء وقيّده بقيود وأجزاء ، هو موافق للقول بالأعم في النتيجة ، وهي صحة التمسك باطلاق كلام الشارع عند الشك في اعتبار قيد أو جزء ، فلا معنى للقول بأنه بناء عليه يمكن تأتّي النزاع في الصحيح والأعم ، وتوجيهه بامكان النزاع في القرينة المضبوطة التي لا يمكن رفع اليد عنها إلاّ بقرينة اخرى ، وأنّ مفاد تلك القرينة هو الصحيح الجامع أو أنّ مفادها هو الأعم كما في الكفاية ، ممّا لم يتضح وجهه ، فانّ القرينة المضبوطة هي القرينة العامة مثل وقوع الأمر عقيب الحظر ، ومن الواضح أن ذلك إنما يتأتّى في المجازات دون ما نحن فيه ممّا يكون اللفظ مستعملا في أصل معناه وقد قيّد بقيود وقد شك في اعتبار قيد آخر ، إذ لا يتصور حينئذ صحيح وأعم ، بل كل دليل اشتمل على تقييد ينبغي لنا الأخذ به وننفي الزائد بالبراءة ، وحينئذ يكون الصحيح هو الواجد لذلك القيد الذي دلّ الدليل على التقييد به ، ثم لو جاء دليل آخر بقيد آخر فوق ذلك القيد ، ضممناه إليه وكان الصحيح هو الواجد لهما. وهكذا في كل دليل يثبت لنا قيدا من القيود ، وحينئذ فهذا القول إن شئت فسمّه قولا بالصحيح لهذه الجهة التي ذكرناها ، وإن شئت فسمّه قولا بالأعم نظرا إلى إمكان التمسّك بالاطلاق في نفي قيدية المشكوك ، هذا.
ولكن الأولى في توجيه النزاع هو ما أفاده الشيخ قدسسره في أول تحرير المسألة (١) وتبعه عليه شيخنا قدسسره (٢) في صدر عبارته وحاصل ذلك : هو أن الشارع قد استعمل هذه الألفاظ في هذه الماهيات ، سواء كان بنحو الحقيقة
__________________
(١) مطارح الأنظار ١ : ٣٢.
(٢) أجود التقريرات ١ : ٥٠.