ثم إنّ الاستعمال في فاسد صلاة الغرقى أيضا بتنزيل الفاقد منزلة الواجد المنزّل منزلة تام الأجزاء والشرائط من باب الإجزاء والاكتفاء ، فبعد البناء على كون الصحيح فردا للطبيعة من جهة الإجزاء يصحّ تنزيل الفاقد منزلته أيضا ، ولا يلزم سبك مجاز عن مجاز. وأمّا القصر والإتمام فهما وإن كانتا في عرض واحد بالقياس إلى المرتبة العليا إلاّ أنّه يمكن تصوير الجامع بينهما فقط.
وعلى ما ذكرناه فيبطل نزاع الأعمي والصحيحي رأسا ، فإنّ ثمرة النزاع كما سيجيء إن شاء الله تعالى هو التمسك بالإطلاق على تقدير تمامية مقدمات الحكمة على الأعمي ، وإجمال الخطاب على الصحيحي ، وهذا لا يصحّ على ما ذكرناه ، لأنّه لو بنينا على أنّ الصلاة موضوعة لخصوص المرتبة العليا وإطلاقها على غيرها من باب المسامحة والتنزيل ، فعلى تقدير وجود المطلق في العبادات أيضا فحيث إنّ اللفظ لم يوضع للجهة الجامعة المشتركة حتى تكون الأجزاء والشرائط المأخوذة في المأمور به من قبيل القيود ، فلا يمكن التمسّك بالإطلاق ، بل اللفظ يكون مجملا لعدم العلم بالتنزيل والمسامحة في مقام استعمال اللفظ حتى يتمسّك بإطلاقه ... إلخ (١).
قلت : لا يخفى أنّه ربما كان الفاقد مباينا في النظر للواجد كما في صلاة الغرقى ، فكيف يصح جعله فردا ادعائيا ، وكيف يمكن القول بالتنزيل في أمثال ذلك ، وأين المناسبة بين الصلاة التامّة وبين الصلاة التي هي عبارة عن أربع تكبيرات ، بل عبارة عن إيماء محض ، ولو التزمنا بتصحيحه
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٥٣ ـ ٥٤.