بالتنزيل الشرعي لكان ذلك مختصا بالفاقد الصحيح دون الفاسد.
ثم لا يخفى أنّ المسامحة من باب تنزيل الفاقد منزلة الواجد أو من باب اكتفاء الشارع بالفاقد لا تخرج الاستعمال عن كونه مجازا ، غايته أنّه مجاز على رأي السكاكي (١) ، وذلك لا يجعل استعمال اللفظ في ذلك المقام استعمالا حقيقيا على وجه يكون توجيها للأعم أو توجيها للجامع بين الأفراد الصحيحة ، بل إنّ محصّل ذلك هو تضييق دائرة القول بالصحيح ، وأنّ الصلاة ليست حقيقة إلاّ في الصحيح الأعلائي ، وأنّ الاستعمال في غيره لا يكون إلاّ من باب التنزيل والعناية ، سواء كان ذلك الغير صحيحا أو كان فاسدا.
ثم إنّه كيف لا يلزم منه سبك المجاز عن المجاز في فاسد صلاة الغرقى مع أنّ صحيحها لا يكون صلاة إلاّ بتنزيل من الشارع ، ومجرد أنّ هذا التنزيل كان بجعل من الشارع من جهة الإجزاء أو الاكتفاء الشرعي لا يخرجه عن المجازية ، غايته أنّه من قبيل الاستعارة على رأي السكاكي ، وأنّ المصحّح لذلك التنزيل الشرعي هو الاجتزاء والاكتفاء ، وذلك لا يخرجه عن كونه مجازا ، غايته أنّه لا يكون مجازا في الكلمة كما هو الشأن في كل مجاز بناء على هذا القول ، كما أنّ استعمال اللفظ في فاسد صلاة الغرقى لكونه منزّلا منزلة صحيحها لا يكون إلاّ من هذا القبيل أيضا لكونه استعمالا مبنيا على التنزيل المذكور.
ثم إنّ الذي حررته عنه قدسسره في هذا المقام هو ما نصه : إنّ حقيقة الصلاة هي الجامعة لجميع الأجزاء والشرائط ، وأمّا الفاقد فإن كان هناك ما
__________________
(١) مفتاح العلوم : ١٥٦.