أنّ المراد من هذا التقسيم هو أنّ العرض إن كان عارضا للذات عروضا حقيقيا كان العرض ذاتيا ، وإن كان عروضه مجازيا بالعرض والمجاز نظير جرى النهر وسال الميزاب كان العرض عرضا غريبا ، وعلى ذلك جرى شيخنا قدسسره (١) ولعلّ ذلك هو المراد لصاحب الكفاية (٢) فيكون المراد من الواسطة في العروض التي جعل عدمها معتبرا في كون العرض ذاتيا هي الواسطة الموجبة للتجوّز في نسبة العرض إلى الذات ، هذا.
ولكن الذي يظهر ممّا حرّره المرحوم الشيخ محمد علي أنّ المراد بالواسطة بالعروض معنى آخر غير ما تقدم من الواسطة في الحمل ، فانّه قال : والمراد من الواسطة في العروض هو ما كان العرض أوّلا وبالذات يعرض نفس الواسطة ويحمل عليها ، وثانيا وبالعرض يعرض لذي الواسطة ويحمل عليه كحركة الجالس في السفينة ، فانّ الحركة أوّلا وبالذات تعرض السفينة وتستند إليها ، وثانيا وبالعرض تعرض الجالس وتستند إليه وتحمل عليه ، من قبيل الوصف بحال المتعلق ، إلخ (٣).
فجعل الواسطة في عروض الحركة على الراكب هو السفينة ، ومن الواضح أنّها مباينة له غير محمولة عليه ، غايته أنّه يمكن أن يقال إن حركة السفينة علة لحركة الراكب ، فلا تكون حركته من العوارض الغريبة. بل يمكن أن يقال : إن حركة الراكب عين حركة السفينة ، إذ ليس الراكب في السفينة إلاّ من قبيل أجزائها ، ومن الواضح أنّ حركة أحد أجزاء السفينة عين
__________________
(١) سيأتي لذلك مزيد توضيح في صفحة : ٢٣ وما بعدها.
(٢) كفاية الاصول : ٧.
(٣) فوائد الاصول ١ ـ ٢ : ٢٠.