حركة أجزائها الآخر ، ولا يكون في البين إلاّ حركة واحدة منبسطة على الجميع. ولك أن تقول : إنّ حركة الراكب وحركة السفينة كلاهما معلولان لما هو علة حركة السفينة.
والأولى في التخلّص عن هذه المناقشات : أن يمثّل للواسطة في العروض بالمعنى المذكور بمثل جرى النهر وسال الميزاب ، ويكون الماء هو الواسطة في عروض الجريان على النهر وعلى الميزاب ، ولعلّه قدسسره يريد بذلك أنّ نسبة العرض إذا كانت غير حقيقية كما مر في شدة البياض وسرعة الحركة ، يصطلح عليه بأنه من قبيل الواسطة في العروض ، وأنّ ذلك العرض المنسوب إلى الذات نسبة مجازية لا حقيقة لها واقعا ، يكون من العوارض الغريبة ، ويكون العرض الذاتي ما عداه مما يكون نسبته إلى المعروض نسبة حقيقية ، وإن لم تكن بعليّة الذات واقتضائها بل كانت بعلة اخرى أو سبب آخر يعبّر عنه بالواسطة في الثبوت ، لم يكن ذلك العرض إلاّ عرضا ذاتيا ، وينحصر العرض الغريب بما عرفت ممّا لا تكون نسبته إلى الذات نسبة حقيقية ، بل كانت من قبيل النسبة بحال المتعلق ، وأحسن مثال لذلك حينئذ هو جرى النهر وسال الميزاب كما عرفت فيما تقدم.
وبذلك يتضح ما أفاده في الكفاية (١) من إخراج العارض بالواسطة العروضية بالمعنى المذكور عن العوارض الذاتية ، وجعل العرض الذاتي هو ما عدا العارض بالواسطة المذكورة ، فلاحظ وتأمّل.
والخلاصة : هي أنك قد عرفت أنّهم قسّموا العوارض إلى ما يكون عارضا لنفس الذات ، وما يكون عارضا لها بواسطة جزئها المساوي ،
__________________
(١) كفاية الاصول : ٧.