في المقام ليست من الامور الواقعية ، وإنّما هي من العناوين الانتزاعية ، فانّها على القول بالصحيح منتزعة من وجود المسمى وعدم وجوده ، ويتبع ذلك وجود المأمور به وعدمه ، وعلى القول بالأعم تكون الصحّة ويقابلها الفساد منتزعة من وجود المأمور به وعدم وجوده ، مع فرض وجود المسمى وتحققه في كلا الحالتين أعني حالة وجود المأمور به وحالة عدم وجوده ، وليس الاجمال على القول بالصحيح ناشئا عن تبادل المركبات وعدم انضباط ما يكون الصحيح منها إلاّ بالجامع البسيط المجمل في أنظارنا ، بل إنّ منشأ الإجمال على القول بالصحيح أمر آخر حتى لو فرضنا انحصار الصحيح بمركب خاص لا تبادل في أجزائه ولا تغيير ، وكانت أجزاؤه منحصرة في عشرة من الأفعال الصلاتية مثلا ، فانّه عند الشك في دخول الجزء الحادي عشر يحصل الشك في انطباق المسمى على العشرة وحدها ، ومع الشك في الانطباق لا يمكن التمسك بالاطلاق.
وبيان ذلك : أنّ القائل بالصحيح لا بد له أن يلتزم فيما ذكرناه من المثال أن يكون للشارع فيه أدوار أربعة :
الدور الأول : دور اختراع الأجزاء العشرة أو انتقائها من بين الأفعال.
الدور الثاني : دور اعتبار التركيب في هذه العشرة على كيفية خاصة من تقديم وتأخير وموالاة واستقبال وغير ذلك.
الدور الثالث : دور تسمية ذلك المركب باسم خاص كالصلاة مثلا ، وهو في هذا الدور لم يجعل الصلاة اسما للصحيح ولا اسما للتام ولا غيره من المفاهيم الانتزاعية ، بل إنّما جعله لنفس تلك الأجزاء التي جمعها ورتّبها واعتبرها شيئا واحدا ، فانّ تمامية المسمى أو صحته إنّما تنتزع بعد التسمية ، فان وجدت تلك الأجزاء بجميعها كان المسمى تاما وكان