في جميع الشبهات المفهومية ، مثلا النزاع في مفهوم العادل وأنه هل هو خصوص تارك الكبيرة والصغيرة ، أو أنّه مطلق تارك الكبيرة سواء ارتكب الصغيرة أو تركها ، تتفرّع عليه صحة الجري وعدمه في زيد الذي هو تارك الكبيرة وفاعل الصغيرة ، سواء كان الجري والحمل صريحا كأن تقول : زيد عادل ، أو كان ضمنيا كأن تقول : جاءني عادل وتعني به زيدا المذكور. وهكذا الحال في النزاع في أنّ مفهوم الصلاة هو خصوص الصحيح منها أو هو الأعم ، تتفرع عليه صحة حمل عنوان الصلاة على التي صلاها زيد فاسدة ، فتقول : هذه صلاة ، أو تقول : إنّ زيدا قد صلّى. وهكذا الحال في جميع الشبهات المفهومية فإنّ أصل النزاع إنّما هو في عالم المفهوم الكلي الذي وضع له اللفظ ، هل هو الأخص أو هو الأعم. وصحة الحمل وعدمه على غير الأخص وإن كان متفرعا على ذلك النزاع ، إلاّ أنّه لا يتّصف بالحقيقة والمجاز وإنّما يتّصف بالصدق والكذب.
نعم ، بعد الفراغ عن كون اللفظ موضوعا للأخص يكون حمله صريحا أو ضمنا على غير الأخص باطلا وكاذبا ومخالفا للواقع ، ويكون ذلك أعني صحة الحمل وعدم صحته إلاّ بالعناية ، من قبيل الأمارة على الوضع وعدمه كما تقدّم (١) في مسألة أمارات الحقيقة والمجاز من صحة السلب وعدمه فلاحظ. لكن لو قلنا بالوضع للأخص ، وكانت هناك عناية مصحّحة لتنزيله منزلة ذلك الأخص ، صحّ الحمل المذكور بالعناية المزبورة وكان من قبيل الاستعارة على مذهب السكاكي (٢) لا من باب التوسعة في المفهوم كالأسد والعادل بعد البناء على وضعه لخصوص تارك الاثنين ، بل
__________________
(١) لم يتقدم منه قدسسره بحث بعنوان أمارات الحقيقة والمجاز.
(٢) مفتاح العلوم : ١٥٦.