أهل اللغة من اختصاص بعض الهيئات بالمصدر وبعضها باسم المصدر ، مثل قولهم : إنّ الغسل ـ بالفتح ـ مصدر وبالضم اسم مصدر ، فإنّ ذلك إن ثبت لا ينافي ما ذكرناه بينهما من الفرق المعنوي ، فإنّ وجود الفارق اللفظي في بعض المواد لا ينافي ذلك الفارق المعنوي الذي هو أساس الفرق بينهما.
وممّا ينبغي أن يحرر في المقام : هو الفرق بين الوضع النوعي والوضع الشخصي ، وأنّ الموضوع في الأول كلي تحته أنواع مثل هيئة فاعل ، فإنّ هذه الهيئة كلي تحته أنواع وهي ضارب وناصر وعالم وغير ذلك ، وهذا بخلاف الوضع الشخصي مثل رجل فان الموضوع فيه كلي تحته أفراد وهي هذه اللفظة الموجودة بقولك « رجل جاءني » وبقول غيرك « رجل جاءني » بل إنّ اللفظة المذكورة التي تنطق بها الآن فرد والتي تنطق بها ثانيا فرد آخر ، وهكذا.
ويمكن أن يقال : كما أن هيئة المشتق موضوعة بالوضع النوعي ، فكذلك مادته أيضا موضوعة بالوضع النوعي ، فيقال : إن مادة الضرب موضوعة للحدث الخاص ، سواء كانت تلك المادة موجودة في ضمن ضرب أو في ضمن يضرب أو في ضمن ضارب ، فكما أن الهيئة كلي تحته أنواع باعتبار المواد ، فكذلك المادة كلي تحته أنواع باعتبار تلبسها بهيئات مختلفة.
وهناك اصطلاح آخر للوضع النوعي وهو في عالم المعاني دون الألفاظ ، وذلك ما يقال من أنّ المجاز موضوع بالوضع النوعي الكلي القانوني ، بأنّ يدعى أن الواضع لمّا وضع لفظة الأسد للحيوان المفترس فقد وضعها وضعا ثانيا كليا قانونيا لكل ما يناسب ذلك الحيوان المفترس بشيء