لفظ كل أو كونه مستفادا من النكرة في سياق النفي ، وهذا لا يتأتي في جميع العمومات فضلا عن العموم المستفاد من الحروف الدالة على السلب الكلي ، وهذا هو الاساس في المسألة ، وقد تعرض له شيخنا قدسسره في مبحث المفاهيم (١) وإن كانت جملة من عباراته هناك ظاهرة فيما ذكره هنا ، وتمام الكلام في محله في باب المفاهيم إن شاء الله تعالى.
وأما مثل قولك : إنّ الأمير إذا غضب لم يحترم أحدا ، أو قولك : إنّ زيدا إذا لبس سلاحه لم يخف أحدا ، فليس الأحد في ذلك مأخوذا على إطلاقه ، بل هو الأحد الذي يستحق الاحترام والأحد الذي يخاف منه العقلاء ، ولا ريب أنّ مفهومه حينئذ أنّه إذا لم يغضب احترم كل واحد يستحق الاحترام ، أو أنّه إذا لم يلبس سلاحه يخاف من كل أحد من شأن العقلاء الخوف منه ، هذا.
مضافا إلى إمكان دعوى أنّ أمثال هذه القضايا لا مفهوم لها ، لأنّ ثبوت المفهوم للقضية الشرطية يتوقف على كونها مسوقة لحصر الجزاء بمورد وجود الشرط مثل قوله « إذا زالت الشمس فصلّ » (٢) إذ كان بمنزلة قولك : إن وجوب الصلاة إنّما هو إذا زالت ، وهكذا قوله عليهالسلام « إذا بلغ الماء قدر كر لم ينجسه شيء » (٣) فكأنّه يقول انّ عدم التنجس في الماء إنّما هو إذا بلغ كرا ، وأما هذه الأمثلة فليست مسوقة لذلك ، لوضوح أنّه ليس المقصود هو أنّ عدم احترام الأمير لكل أحد منحصر بما إذا غضب ، بل هي
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢٥٥ وما بعدها.
(٢) وسائل الشيعة ٤ : ١٣٤ / أبواب المواقيت ب ٥ ح ١١ وغيره ، مستدرك الوسائل ٦ : ٢٣ / أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ١٣ ح ١.
(٣) وسائل الشيعة ١ : ١٥٨ / أبواب الماء المطلق ب ٩ ح ١ ، ٢ ، ٦. ونصّه « إذا كان الماء ... ».