ثم إنّ هذا الذي ذكروه من كون الدائمة الموجبة نقيضا للسالبة المطلقة إنّما هو في خصوص الموجّهات ، أما إذا لم تكن القضية موجّهة واقتصرنا على قولنا زيد قائم وقولنا زيد ليس بقائم فهما متناقضان إلاّ بنحو من التصرف بجعل إحداهما في زمان والاخرى في زمان آخر ، أو بجعل إحداهما موجّهة بالامكان مثلا والاخرى بالفعلية.
ثم إنّ هذا التناقض الوجداني أو هذا التضاد الوجداني كاشف عن اعتبار التلبس ، إذ لو كان للأعم لصح الايجاب باعتبار ما مضى والسلب باعتبار الآن.
أمّا ما التزم به شيخنا قدسسره من إرجاع التضاد إلى التناقض ، وأنّه لا بد من اعتبار الفعلية في إحدى القضيتين والدوام في الاخرى الموجب للالتجاء إلى التفرقة بين نظريات المنطقيين ونظريات الاصوليين ، فلعلّه تكلّف لا داعي إليه ، فلاحظ ما أفاده قدسسره وتأمل فيه لعلك تتمكن من جعل كلماته ناظرة إلى هذه الجهات التي ذكرناها.
وأما مسألة الكر فالظاهر أنها غير مبنية على هذا الذي أفاده هنا من التفرقة بين النقيض المنطقي والنقيض العرفي ، بل الظاهر أنّها مبنيّة على أنّ المعلّق على الشرط الذي هو الكرية هل هو كلية السلب ، فلا يكون نقيضه الذي هو رفعه إلاّ مجرد الإيجاب الجزئي ، أو أنّ المعلق على الكرية هو آحاد السلوب ، فيكون هناك سوالب متعددة ، وكل سالبة معلّق فيها السلب على الكرية ، وعند انتفاء الكرية يثبت مكان كل سالبة موجبة ، فينحل المفهوم إلى موجبات كما كان المنطوق منحلا إلى سوالب ، والظاهر بل المتعين هو الثاني ، لأنّ الأول يحتاج إلى لحاظ كلية السلب لحاظا استقلاليا وجعل نفس الكلية معلّقة ، من دون فرق في ذلك بين استفادة العموم من