معلول للارادة التي هي عبارة عن نفس الشوق المؤكد ، لوجود ذلك الشوق بنفسه أو بما هو آكد وأقوى منه في الشوق إلى الممتنع مثل الشوق إلى ملاقاة الحبيب الميت ، أو الشوق إلى بعض المحرمات مع وجود حاجز التقوى.
وكذلك الحال لو قرّب الجبر بالانتهاء إلى الارادة الأزلية التكوينية ، فإن الفعل الخارجي لم يستند إليها ولم يكن ذلك الفعل مخلوقا لها كما يدعيه أهل الجبر من أن أفعال العباد مخلوقة له تعالى ، غايته أنه تعالى خلق الفاعل وأوجده لا أنه تعالى خلق فعله أيضا ، نعم كانت الارادة التكوينية التي هي العلم بصلاح النظام ، قد تعلقت بصدور ذلك الفعل من فاعله باختياره ، وقد صدر منه كذلك ، غايته أنّه لا بد من صدوره منه باختياره لا أنه مجبور على صدوره ، فإنّ التحتم غير الجبر ، هذا إذا كانت الارادة التكوينية هي مجرد العلم بالصلاح المتعلق بالنظام.
وإن كانت عبارة عن العلة الموجدة المعبّر عنها بـ « كن » ، فلا نسلّم تعلّقها بالفعل ، وإنّما أقصى ما في البين هو تعلقها بايجاد الفاعل ، غايته أنّ ذلك الفاعل يختار الفعل ويوجده باختياره.
وإن قرّب الجبر بالانتهاء إلى النفس والذات وهما غير اختياريين ، فهو أوضح فسادا ، فإنّ فعل النفس بالاختيار هو الذي يكون محط التكليف والعقاب وقد صدر الفعل منها بالاختيار ، ووجود النفس ليس علة لذلك الفعل والاختيار ، بل إن ذلك الاختيار فعلته النفس وأوجدته ولا تعاقب إلا على فعلها. وأما السؤال عن أنّه لم أوجدته النفس؟ فلنا أن نقول في جوابه إنّها أوجدته وفعلته بلا علّة وبلا سبب يوجب عليها إيجاده ، بل فعلته من تلقاء ذاتها أو بمرجح رجح لها ذلك ، وهو ذلك الشوق المؤكد ، لا أن