عنه ، وهي أعني الارادة المتعلقة بالفعل فعل من أفعال النفس ، فيمكننا القول بأنّه لا واسطة بينها وبين الفعل حينئذ وأنّها هي الاختيار نفسه ، فإنّ شئت فسمّها اختيارا وإن شئت فسمها طلبا أو شئت فسمّها إرادة ، كان كل ذلك صحيحا بعد فرض كونها فعلا من أفعال النفس متأخرا عن ذلك الشوق المؤكد ، ولعل ذلك هو مراد صاحب الكفاية من تسمية الارادة فيما يظهر من جملة من كلماته هنا (١) وفي مسألة التعبدي (٢) وفي مبحث التجري (٣) بالاختيار. وعلى كل حال أنّ الوجدان يشهد بأنّ الانسان عند ما يتصور الفعل ويصدّق بفوائده وانتفاء موانعه يشتاق ويميل إليه كمال الميل ، وبعد هذا الاشتياق والميل يختاره ويفعله ، وهذا الاختيار هو الارادة وهو الطلب ، أمّا تسمية الشوق المؤكد بالارادة فلعله لا وجه له ، إذ ربما اشتاق الانسان إلى شيء لكن لا تتعلق به إرادته.
ثم إنّه لا شك حينئذ في كون ذلك الفعل صادرا بالاختيار ، أما كونه مرادا له تعالى بالارادة التكوينية ولو بأن تتعلق باختيار العبد ذلك الفعل أو بذلك الفعل باختياره ، وكذلك كون ذلك الاختيار ناشئا عن مقدماته المنتهية إلى نفس الفاعل ، أو أنّ ذلك الاختيار ليس بالاختيار وأنّ العقاب معلول لذلك الفعل الصادر بالاختيار وأنّه ليس من قبيل التأديب ولا من قبيل التشفي وغير ذلك من المباحث ، فكل ذلك خارج عن هذا الفن وراجع إلى فن آخر.
قال المحقق الطوسي قدسسره في متن التجريد : والفعل منا يفتقر إلى
__________________
(١) كفاية الاصول : ٦٨.
(٢) كفاية الاصول : ٧٣.
(٣) كفاية الاصول : ٢٦٠ ـ ٢٦٢.