عن تلك المصلحة الضعيفة ، ولعل هذا خلاف مسلكه قدسسره في أنّ المدار في الاطاعة الحاكم بها العقل على الالزامات الشرعية ولا شغل للعبد بالمصالح والمفاسد الواقعية.
ولو تم ذلك ، أعني كون الترخيص قرينة على ضعف المصلحة ، وأن الطلب الناشئ عن المصلحة الضعيفة لا يكون وجوبيا ينحصر الوجوب بالطلب الناشئ عن المصلحة القوية من دون حاجة إلى إخراج الوجوب عن كونه شرعيا إلى كونه عقليا من باب لزوم الاطاعة كما يظهر من قوله : إن الصيغة متى صدرت ـ إلى قوله : ـ وتوضيح ذلك ـ إلى قوله : ـ فكذلك الثبوت في عالم التشريع ، فما هو ثابت بنفسه نفس إطاعة المولى ... إلخ (١).
قوله : وقبل الخوض في بيان ما هو الحق في المقام ينبغي تقديم مقدمة ، وهي أنّ المتقدمين من الأصحاب ذهبوا إلى تركب الوجوب والاستحباب ... إلخ (٢).
لا يخفى أن النظر إلى الوجوب والاستحباب تارة يكون من ناحية كونهما أحد الأحكام الخمسة ، وهما بهذا النظر ملحقان بالأحكام الوضعية القابلة للانجعال بالجعل الابتدائي ، وحينئذ يكون بينهما كمال التباين كالتباين بين أحدهما والحرمة مثلا. وهما بهذا النظر لا يكونان إلا بسيطين في أقصى درجات البساطة.
واخرى يكون النظر إليهما من ناحية استفادتهما من الصيغة أعني صيغة افعل ، وقد عرفت أنها آلة البعث والتحريك ، أو أنّها آلة إلقاء المادة
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١٤٤ ـ ١٤٥.
(٢) أجود التقريرات ١ : ١٤٣.