على عاتق المكلف ، وهي من هذه الناحية لا تكون إلاّ مصداقا للبعث والتحريك أو مصداقا لالقاء المادة على عاتق المكلف على حذو مصداقية « هل » في قولك « هل قام زيد » للاستفهام ، أعني مصداقية المعنى الحرفي للمفهوم الاسمي المنطبق عليه على ما مر (١) في المعنى الحرفي من الفرق بين مفاد لفظة « من » مثلا وبين لفظ « الابتداء ».
وعلى هذا فلا يكون ما ينوجد بالصيغة مصداقا للطلب ولا للوجوب إلاّ إذا قلنا إنها آلة إيجاد الطلب ليكون معناها الحرفي هو الطلب الآلي ، وحينئذ ينطبق عليها مفهوم الطلب انطباق المفهوم الاسمي على ما أوجده الحرف ، وحيث إنه قد تحقق أنّها آلة البعث والتحريك فلا يكون المنطبق عليها إلاّ مفهوم البعث والتحريك ، أما الطلب فهو منتزع منها نظير انتزاع الحكم الوضعي من الحكم التكليفي. وهكذا الحال في انطباق مفهوم الوجوب أو مفهوم الاستحباب على ما أحدثته الصيغة من البعث والتحريك ، فيكون مفهوم الوجوب منتزعا عمّا أحدثته الصيغة انتزاع الحكم الوضعي من الحكم التكليفي.
إذا عرفت ذلك فنقول : لا ريب في بساطة البعث الذي توجده الصيغة وأنه بعث واحد لا تركيب فيه ، ولا اختلاف فيه أيضا بالشدة والضعف ، كما أنها حقيقة واحدة لا تعدد فيها ليكون لنا بعث وجوبي وبعث ندبي. وهكذا الحال في الطلب المنتزع منها أو المنطبق عليها لو قلنا إنها آلة الطلب ، أما الوجوب والاستحباب فقد عرفت تباينهما وبساطة كل منهما.
__________________
(١) في صفحة : ٥٥ وما بعدها.