التجويز غير مناقض لطلب الفعل والبعث ونحوه ، لأنه إنما يناقضه إذا بقي على إطلاقه ، فتأمل.
ويمكننا القول بأنّ المجعول الأولي في الحقيقة إنما هو نفس الوجوب والتحريم والاباحة والاستحباب والكراهة بما أنها من سنخ الأحكام الوضعية ، وهذه الأوامر والنواهي والبواعث والزواجر كلها في مقام الاثبات وفي مقام الكشف عن ذلك المجعول الأولي ، فهي أشبه شيء بالارشاد إلى ما يلزم العقل به من الانزجار والانبعاث أو الارشاد إلى ما حكم به أوّلا من الوجوب والتحريم ، أو أنها من اللوازم القهرية نظير لزوم وجوب المقدمة عند وجوب ذيها.
وعلى أيّ حال لا يكون الوجوب محتاجا إلى أزيد من البعث والتحريك أو الطلب الانشائي ، وهذا بخلاف الاستحباب فانه في ذلك المقام يحتاج إلى زيادة الترخيص في الترك ، فلاحظ وتدبر.
والظاهر أنّ هذه الطريقة هي المتعيّنة في الواجبات والمندوبات الشرعية ، ويجري مجراها المحرمات والمكروهات ، وأنّ المجعول الأولي هو الوجوب والندب والحرمة والكراهة على حذو الأحكام الوضعية ، وأن الوصول إلى مفاد الصيغة الذي هو مقام البعث والزجر إنّما هو بعد الفراغ عن جعل الحكم الواقعي ، لما قرر في محله من أنّ مرتبة البعث والزجر متأخرة عن مرتبة جعل الحكم الواقعي. فان شئت فقل : إنّ هذه المرتبة بمنزلة الارشاد إلى نفس الحكم الواقعي ، أو شئت فقل إنها لازمة للحكم الواقعي متأخرة عنه رتبة ، لكونها معلولة له نظير معلولية وجوب المقدمة عن وجوب ذيها.
نعم ، في الوجوبات الصادرة من الموالي بالنسبة إلى عبيدهم أو الآباء