لكن المسألة أجنبية عن باب التسبيب ، لما أفاده شيخنا قدسسره (١) من أنّ التسبيب إنّما يكون فيما لو كانت إرادة الفاعل مندكة أو كانت معدومة كما في البهائم والأطفال ، بل لعل الآمر أيضا مسبّب كما في أمر الآمر البنّاء ببناء المسجد ، فإنّ ذلك الآمر هو الداخل في عمارة المسجد دون البنّاء. وليس ذلك من باب النيابة في شيء ، كما أن باب النيابة ليس من باب التسبيب بل هو باب آخر.
وربما يقال إنه من باب التنزيل ، وأن النائب ينزّل نفسه منزلة المنوب عنه ، فيكون المنوب عنه مخيرا بين أن يفعل الفعل ببدنه الحقيقي أو ببدنه التنزيلي.
ولا يخفى ما فيه ، من أن باب النيابة ليس من باب التنزيل كما حققناه في محلّه. ولو صحّ التنزيل لم يكن احتماله من قبيل الدوران بين التعيين والتخيير ، لأن تنزيل النائب نفسه منزلة المنوب عنه ليس بفعل من أفعال المنوب عنه كي يدخله التخيير الشرعي. ودعوى أنه فعله ببدنه التنزيلي لا يخفى ما فيها ، لأن ذلك لا يدخله في اختياره على وجه يكون عدلا في الوجوب التخييري لفعله الحقيقي.
وعلى أيّ حال أنّ التنزيل غير نافع في امتثال الأمر المتوجه إلى المنوب عنه. ولو دل الدليل على صحة هذا التنزيل كان مقتضاه هو قصد النائب امتثال الأمر لنفسه بعد التنزيل ، ولا وجه لقوله في النية : أفعله عن زيد.
نعم ، غاية ما يمكن تصوره هو كون التنزيل موجبا لكون فعل النائب
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١٤٧.