فعلا للمنوب عنه ولذلك يكون رافعا للموضوع في تكليف المنوب عنه. لكن يبقى الاشكال في قصد القربة ، إذ لم تقع لا من النائب ولا من المنوب عنه ، إلاّ أن نقول إنها من النائب بمنزلتها من المنوب عنه ، فتأمل.
أما كون الاستنابة طرفا للتخيير فقد أشكل عليه شيخنا قدسسره (١) أوّلا : أن مجرّد الاستنابة لا يفرغ الذمة. وثانيا : أنّه يجوز التبرع بالنيابة في الفعل فتفرغ الذمة ولا استنابة. وثالثا : أنه لا معنى لكون فعل الغير من أطراف التخيير. وكأنه قدسسره يقول لا بد في التفريغ من فعل الغير ولا معنى لكون فعل الغير طرفا في التخيير.
ثم إن ملخص مختاره كما في هذا التقرير : هو أن النيابة هي تنزيل عمل الغير منزلة عمل المنوب عنه وكون الفعل فعله ، فيكون الواجب على المنوب عنه ذا جهات ثلاثة : الاولى : كونه من جهة المادة مع قطع النظر عن جهة الاصدار تعيينيا ، بمعنى أنّ الآمر يريد أصل وجود المادة في الخارج ولا تسقط بالاستنابة.
الثانية : التخيير في جهة الاصدار بين إصدارها بالمباشرة وإصدارها بالاستنابة.
والثالثة : كون وجوبها مشروطا بعدم فعل الغير.
وهذه الجهة إنما تنفع فيما لو كانت نيابة بلا استنابة أو صدر الفعل من الغير بلا نيابة ، فكان مفرّغا لذمة من وجب عليه. فالنحو الثاني من الواجبات المذكورة في الجهة الثانية يكون من جهة الاصدار تخييريا وإن كان من جهة المادة تعيينيا. ونفس توجه الخطاب إلى المكلف يرفع الشك
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١٤٨.