الخطاب متوجها إليه باعتبار الطرف الآخر من التخيير وهو الاستنابة في الاصدار ، فإذا فعله الغير عنه بلا استنابة يكون الشك متعلقا ببقاء ذلك الوجوب ويلزمه الاستنابة. وهذا إنما يتم على مسلك شيخنا (١) من إرجاع الاستنابة إلى أحد عدلي الواجب التخييري ليكون ذلك أعني الاستنابة هو المتعين بعد فرض عدم التمكن من المباشرة للمرض أو الموت بالنسبة إلى التكاليف الحادثة بعد الموت. ونحن إذ سددنا باب الوجوب يشكل علينا الحال في هذه النيابات التي يكون التكليف فيها ساقطا عن المنوب عنه لمرض كما في الحج لو كان الاستطاعة بعد المرض أو لموت كما في النيابة عن الميت قبل سنين في مثل صلاة الظهر من هذا اليوم أو في مثل زيارة عرفة من هذه السنة ، ولا مندوحة لنا إلاّ الالتزام بأنه بعد ورود الدليل على صحة هذه النيابة نستكشف منه كفاية الملاك في التقرب ، وإن لم يكن ذلك الملاك مؤثرا في توجه التكليف الى المنوب عنه لمانع من تكليفه أعني المرض أو الموت. أما إذا لم يكن في البين ذلك الدليل فلا نحكم بصحة النيابة لعدم إحراز الملاك أوّلا ، ولعدم صلاحيته للتقرب والامتثال ثانيا ، هذا كله فيما لو كان حصول الاستطاعة المالية بعد ابتلائه بالمرض.
أما لو كانت قبل ذلك ولكنه عصى وأخر حتى ابتلي بالمرض المزمن فليس الكلام فيه منحصرا بالنيابة ، بل إن محل الكلام فيه هو أنّه هل لا يصح له الاستنابة ولا النيابة ، بل يبقى مشغول الذمة حتى الموت ويقضى عنه بعد وفاته نظير الصوم الذي انشغلت ذمته به ولا يمكنه قضاؤه بنفسه لأجل المرض ، أو أنه تشرع له الاستنابة ، وحينئذ يكون حاله حال من
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١٥٠.