أتى المكلف بها بذلك الداعي يكون قد حصل على ذات المأمور به أعني الصلاة المقيدة بداعي الأمر ، وبذلك تنقلب المقدمة وتصير بعينها هي ذا المقدمة. ولازم ذلك هو كون الأمر المتعلق بالصلاة المقيدة بداعي الأمر التي هي ذو المقدمة أمرا صوريا ليتمكن المكلف من الحصول على ذي المقدمة بالاتيان بالمقدمة بداعي الأمر المتعلق بذي المقدمة ، وبذلك تنقلب المقدمة إلى ذي المقدمة.
ولا يخفى أنّا وإن فسرنا الداعي في كلماته بالسائق المشابه للسائق التكويني نظير قول الحسين عليهالسلام لأخيه الحسن عليهالسلام : ما الذي دعاك إلى الصلح مع هذا الطاغية. وقول الحسن له عليهماالسلام : دعاني الذي دعا أباك إلى التحكيم (١). إلاّ أنه يمكن أن يكون مراده به الداعي الاصطلاحي أعني الغاية المترتبة على الفعل ، ويكون المراد من كون الأمر داعيا هو كون امتثاله داعيا. وهذا الداعي أعني الحصول على امتثال الأمر كما يحرك إرادة العبد نحو نفس المأمور به ، فكذلك يحرك إرادته نحو ما يتوقف عليه المأمور به من المقدمات بأسرها ، بل لعل المراد بالداعي في كلامهما عليهماالسلام هو هذا المعنى ، فلاحظ.
نعم ، إن إطلاقه الداعي على الملكات الخمس لا بد أن يكون المراد هو ما يساوق السائق التكويني ، ولا بد حينئذ من التسامح في ذلك وإلاّ فهو قد أطلق الداعي على الأمر ، وقد عرفت إمكان كونه على الاصطلاح من أخذ امتثاله في الداعوية. وحيث كان إطلاقه الداعي على الملكات من باب التسامح ، فلا يرد عليه ما أورده عليه المقرّر في حاشيته (٢) فلاحظ. بل
__________________
(١) مناقب آل أبي طالب ٤ : ٤٠ ( نقل بالمضمون ).
(٢) نهاية الاصول ١ : ١١٧ ـ ١١٨.