ثم لا يخفى أنّا قد قررنا مطلبه في الحصول على ذات الصلاة بداعي الأمر المتعلق بها ولو في ضمن الأمر المتعلق بالكل المركب منها ومن داعي الأمر ، وذلك مبني على كون داعي الأمر جزءا ، وأمّا بناء على كونه قيدا فله طريقة اخرى هي المتحصّل ممّا أفاده بعد نقل ما في الكفاية من أنّ الجزء التحليلي لا يكون مأمورا به ، قال ما هذا لفظه :
أقول : نحن لا نحتاج في إيجاد الصلاة بداعي الأمر إلى تعلق أمر بذات الصلاة كما هو محط نظره قدسسره بل نفس الأمر بالمقيد يدعو إليها أيضا ، ويكفي أيضا في مقربيتها وعباديتها إتيانها بداعي هذا الأمر ، وذلك لما عرفت في المقدمة الثانية من أنه يكفي في عبادية الأجزاء التحليلية والخارجية والمقدمات الوجودية والعلمية إتيانها بداعي الأمر المتعلق بالكل وبذي المقدمة. وقوله « لا يكاد يدعو الأمر إلاّ إلى ما تعلق به لا إلى غيره » واضح الفساد ، فإن الأمر كما يكون داعيا إلى نفس متعلقه كذلك يكون داعيا إلى كل ما له دخل في تحققه من غير احتياج في مدعويتها للأمر إلى تعلق أمر بها على حدة ... إلخ (١).
فهو سلّمه الله تعالى يرى أنّ معنى داعوية الأمر هو كونه سائقا للمكلف على الحصول على متعلقه ، وهو أعني الأمر كما يسوق المكلف إلى نفس متعلقه فكذلك يسوقه إلى كل ما يتوقف عليه وجوده من المقدمات بأسرها. وهذه الصلاة بذاتها وإن لم يتعلق بها الأمر بذاتها إلاّ أنها يتوقف وجوده في الخارج عليها ، فهي في الحقيقة مقدمة وجودية للمأمور به ، فللمكلف أن يأتي بهذه المقدمة بداعي وسائق الأمر المتعلق بذيها ، وإذا
__________________
(١) نهاية الأصول ١ : ١٢٠.