وكأن المحشي يتخيل أن هذا الأمر متحقق عند قوله صل بداعي الأمر فلا يكون الأمر الوارد مشروطا بوجوده.
وفيه : ما لا يخفى ، أما أوّلا : فلأن الأمر وإن وجد بقوله صل إلاّ أنه قد وجد متأخرا رتبة عن الأمر المربوط بالداعي المربوط بالمأمور به.
وأمّا ثانيا : فلأن الشرط وإن وجد وتحقق لا يكون تحققه موجبا لانقلاب الحكم المشروط به من المشروطية إلى الاطلاق في القضايا الحقيقية وإنما ذلك في القضايا الخارجية.
وأمّا ثالثا : فلأن دعوى الانقلاب بوجود الشرط إنما هو فيما لو وجد الشرط ثم بعد تحقق وجوده ورد الحكم على ذلك الشخص الواجد للشرط كما لو فرضنا أن وجوب العتق مشروط بواجدية الرقبة ، واتفق أن شخصا كان مالكا للرقبة ثم حدث منه ما يوجب كفارة العتق ، فلا حاجة حينئذ في توجيه الأمر بالعتق إليه إلى اشتراط واجدية الرقبة ، نعم يتوجه إليه قوله اعتق مجردا عن الشرط ، لكن بنحو القضية الخارجية ، وهذا بخلاف ما نحن فيه فإن واجدية الأمر لم تكن سابقة عليه بل هي أعني الواجدية للأمر متأخرة عن تعلق الأمر رتبة ، بل يمكن القول بالتأخر الزماني.
ومن الغريب قوله في الحاشية المشار إليها : ومن ثم التزمنا بفعلية الخطابات التحريمية قبل وجود موضوعاتها أيضا ، وذلك لتمكن المكلف من امتثالها ولو بعدم إيجاد موضوعاتها ... إلخ (١).
ويا ليت شعري هل يمكن أن يلتزم أحد بفعلية النهي عن شرب الخمر إذا لم يكن خمر في الدنيا ، وإنما نقول إن النهي فعلي لوجود موضوعه في عالم الوجود ، نعم لو لم يتمكن المكلف من الوصول إليه كان
__________________
(١) أجود التقريرات ١ ( الهامش ) : ١٦٠.