ثم لا يخفى أنه بناء على ذلك لا يمكن التركيب بين المتعلقين ليكتفى في ذلك بأمر واحد متعلق بالمجموع ، إذ لا تركيب بين نفس الفعل وبين الداعي على إرادته. مضافا إلى ما عرفت من عدم اختيارية الداعي ، نعم يمكن جعل الأمر الثاني متعلقا بالقصد ، وحينئذ يصح التركيب من الفعل وقصد عنوان الامتثال به ، ويكتفى بالأمر بالمجموع أو المقيد ، لكن لو كان على نحو التركيب توجه عليه الاشكالات الأربعة التي عرفتها (١) ، ولو كان على نحو التقييد بأن يكون الأمر متعلقا بالفعل المقصود به امتثال ذلك الأمر لزم أخذ الأمر في متعلق نفسه ، فيكون من قبيل كون الأمر شرطا في نفس الأمر.
ولكن المحشي (٢) لم يظهر من كلامه في دعوى الأمر الواحد الفرق بين كون متعلق الأمر الثاني هو الداعي أو كونه هو القصد ، بل إنه مع تصريحه بكون المتعلق للأمر الثاني هو الداعي جعل المتعلق فعلا نفسانيا ، وقد عرفت أن الداعي انفعال نفساني وهو غير قابل لتعلق الأمر به ، وأن الذي هو فعل نفساني هو قصد العنوان الثانوي للفعل وهو عنوان الامتثال الذي هو فعل ثانوي للفاعل ، وأنه لكون قوامه القصد يكون فعلا نفسانيا.
ثم لا يخفى أن المستفاد من تحرير الآملي (٣) أن إشكاله ثانيا منصب على الداعي إلى الداعي ، فانه وإن صوّر المقام بوجود داع آخر يتعلق به الأمر ليكون الأمر داعيا إلى الداعي ولازمه توسط الارادة بين الداعيين ، إلاّ أنه مع ذلك جعل المقام من قبيل الداعي إلى الداعي ، ومن الواضح أن
__________________
(١) في صفحة : ٣٩٧ ـ ٣٩٨.
(٢) أجود التقريرات ١ ( الهامش ) : ١٦٤.
(٣) بدائع الأفكار : ٢٣٦.