مسألة الداعي إلى الداعي لا دخل لها بتوسط الارادة بين الداعيين ، بل إن مسألة الداعي إلى الداعي هي كون الفعل له فائدتان طوليتان ، ففائدة الفعل هي الامتثال وفائدة الامتثال هي الثواب ، وفي الحقيقة يكون الداعي الحقيقي هو الثواب.
ولأجل ذلك أفاد شيخنا قدسسره في حاشيته على العروة فيما أفاده الماتن في الصلاة الاستيجارية بقوله : لكن التحقيق أن أخذ الاجرة داع لداعي القربة ... إلخ ، ما هذا لفظه : الظاهر أن إيراده تقريبا للاشكال أولى من أن يذكر دفعا له (١) ، وتوضيحه هو ما عرفت من أنه عند اجتماع الدواعي الطولية يكون الداعي الحقيقي على الفعل هو الأخير ، فإن الأجير يفعل الفعل بداعي القربة ليترتب عليه أخذ الاجرة ، فكان الداعي الحقيقي هو أخذ الاجرة ، لكن الذي يريده المحشي فيما نحن فيه هو توسط الارادة بين الداعيين وإمكان تعلق الارادة المتوسطة بالداعي.
والتحقيق أن الداعي لا يمكن أن تتعلق به إرادة الفاعل أصلا سواء كانت هي الارادة التي كان ذلك الداعي باعثا عليها أو كانت هناك إرادة اخرى تتعلق بايجاد ذلك الداعي. أما الأول فواضح ، وأمّا الثاني فلما عرفت من أن الداعي ليس من أفعال النفس بل هو من انفعالاتها أو من كيفياتها فلا تدخله الارادة والاختيار ، وإن شئت توضيح ذلك فنقول بعونه تعالى :
إن كون الشيء داعيا أعني كون تصور ترتبه على الفعل باعثا على الارادة المتعلقة بذلك [ الفعل ](٢) مرحلة وهي مرحلة انفعال النفس ، وكون
__________________
(١) العروة الوثقى ( مع تعليقات عدة من الفقهاء العظام ) ٣ : ٧٩ مسألة ٢ من صلاة الاستئجار.
(٢) [ لا يوجد في الأصل ، وإنما أضفناه لاستقامة العبارة ].