الفعل واقعا بقصد العنوان الفلاني مرحلة اخرى وهي مرحلة الفعل النفساني. إذ ربما اتحد مورد المرحلتين كما في الامتثال فان تصور ترتبه على فعل المأمور به يكون داعيا ، وهو أيضا يكون مقصودا بالفعل ، بمعنى أن المكلف عند ما يقدم على الفعل المأمور به يكون قد قصد به امتثال الأمر ، ولعل هذا جار في جميع العناوين الثانوية التي قوامها القصد مثل التعظيم الحاصل بالقيام.
وربما كان الداعي مقصورا على المرحلة الاولى كما في الثواب والفرار من العقاب ، فان تصور ترتبه على الفعل يكون داعيا للمكلف وباعثا لارادته نحو الفعل المأمور به ، لكن ترتبه على الفعل لا يتوقف على قصده لعدم كونه من العناوين الثانوية فضلا عن كونه متقوما بالقصد ، نعم ربما قصد المكلف بذلك الفعل ترتب الثواب عليه ، لكن ذلك غير دخيل في ترتب الثواب عليه إلاّ إذا دل الدليل على تقييد المأمور به بأن يفعل بقصد ترتب الثواب عليه ، ولازم ذلك هو أن ذلك الثواب لا يترتب على ذات الفعل بل إنما يترتب على فعله بقصد الثواب ، وحينئذ يتوجه الاشكال الذي شرحناه في المصلحة.
وربما كان العنوان مقصورا على المرحلة الثانية كما في العبادة والخضوع فانها عنوان ثانوي للفعل متوقف على القصد ، لكن ليست من الدواعي ، فان الداعي لإيقاع الانحناء بقصد الركوع أو إيقاع وضع الجبهة على الأرض بقصد السجود أو بقصد العبادة والخضوع مطلب آخر وهو الثواب أو الفرار من العقاب أو مجرد الامتثال ، إلى غير ذلك من الدواعي.
ولا يخفى أن المهم لنا هو التباين بين المرحلتين ، فإن مرحلة الداعي إنما هي قبل إرادة الفعل ، ومرحلة قصد العنوان من الفعل إنما هي متأخرة