عن الارادة ، بمعنى تعلق الارادة بالفعل وقصد العنوان به ، ولا يهمنا تحقيق التلازم موردا بين المرحلتين ، بمعنى أن كل ما يكون تصور ترتبه على الفعل داعيا على إرادته يكون هو عنوانا مقصودا بالفعل ، أو التفكيك بين المرحلتين موردا ، ليكونا نظير العموم من وجه ، فإن تحقيق ذلك لا يهمنا ، وإنما المهم لنا هو ما عرفت من التباين بين المرحلتين ، أعني مرحلة كون الشيء داعيا ومرحلة كونه مقصودا بالفعل.
لا يقال : إن القصد عبارة عن الارادة فلا يقع موردا للتكليف ، لأنه لا تتعلق به إرادة الفاعل ، حيث إن الارادة لا تكون بارادة اخرى وإلا لزم التسلسل ، وهو ما أشار إليه في الكفاية (١) في جواب إن قلت الأخيرة.
لأنا نقول : إن القصد فعل نفساني وليس هو عين الارادة ، بل بعد البناء على كونه فعلا من أفعال النفس أعني كونه فعلا قلبيا لا مانع من تعلق الارادة به ، ولو سلّمنا كونه عين الارادة لقلنا إن المأمور به هو القيام المقيد بالتعظيم ، وهذا المقيد يقع متعلقا لارادة واحدة من المكلف ، غايته أن ذات الفعل الذي هو ذات القيام لا يتوقف على الارادة بل ربما وجد من فاعله سهوا أو غفلة ، لكن القيد الذي هو كونه تعظيما يتوقف على الارادة ، فتلك الارادة المتعلقة بالقيام المقيد بالتعظيم تكوّن نفس القيام وقيده الذي هو التعظيم ، ويكون الحاصل هو تعلق إرادة المكلف بالقيام والتعظيم ، ويكون ذلك أعني القيام والتعظيم الذي هو قيده متعلقا لأمر المولى الموجب لتعلق إرادة المكلف بهما ، فلا حاجة إلى الالتزام بأن المأمور به هو القيام وقصد التعظيم ، وإن كان المتعين هو ما ذكرناه من كون قصد التعظيم بالقيام ليس
__________________
(١) كفاية الاصول : ٧٣ [ وهي « إن قلت » ما قبل الأخيرة في كلام صاحب الكفاية قدسسره ].