هو من مقولة الارادة النفسانية الباعثة على الفعل ، بل هو من أفعال النفس وهو من سنخ قصد المعنى من اللفظ ، فإنه وإن عبّر عنه بارادة المعنى من اللفظ ، إلاّ أن المراد بالارادة ليس هو تلك الارادة النفسانية الباعثة على الفعل ، بل المراد بها ما عرفت من القصد الذي هو فعل جناني.
نعم ، في العنوان الثانوي غير المتوقف على القصد مثل الاحراق بالنسبة إلى الالقاء في النار ، يكون قصد الاحراق من الالقاء من مقولة الارادة النفسانية ، حيث إن نفس فعل الالقاء هو إحراق وإن لم يكن الملقي عالما بوجود النار ، غايته أنه قد أحرقه بلا إرادة وقصد ، بخلاف ما لو كان عالما وأراد إحراقه فألقاه في النار فانه حينئذ يكون قد أحرقه بالارادة ، وحينئذ يكون قصد الاحراق عبارة اخرى عن إرادة الاحراق ، بخلاف مثل التعظيم الذي يكون قوامه القصد ، فان هذا القصد ليس هو نفس الارادة بل ذلك القصد الذي هو فعل قلبي حاصل بالارادة ، فلاحظ.
إذا عرفت ذلك ، فاعلم أن المرحلة الاولى أعني كون الشيء داعيا لا يدخلها الاختيار ولا يتعلق بها الأمر ، بخلاف المرحلة الثانية التي هي مرحلة القصد ، وحينئذ نقول إن هذه الدواعي التي عددها شيخنا قدسسره إن كان المنظور بها هو المرحلة الاولى ، استحال تعلق الارادة بها تكوينية من العبد أو تشريعية من جانب الشارع ، وإن كان المنظور بها هو المرحلة الثانية دخلت تحت الاختيار وأمكن تعلق الأمر بها ، وهذا هو ما نسمّيه بأفعال النفس أو أفعال القلب أو أفعال الجوانح في قبال أفعال الجوارح.
نعم ، إن بعض هذه العناوين القصدية لا يمكن أخذها قيدا في متعلق الأمر بأمر واحد ، وذلك مثل قصد امتثال الأمر المتعلق بذلك العمل ، بأن