متعلق الارادة الثانية مركبا من الفعل مع الداعي عليها ولا مقيدا به ، بل كان متعلقها هو نفس الفعل وذاته ، كما هو (١) الحال في متعلق الارادة الاولى فانّه نفس إيجاد الداعي ولا تركيب فيه ولا تقييد ، وحينئذ لو كانت هذه السلسلة مطلوبة للمولى لم يمكن استيفاؤها إلاّ بأمرين ، أمر يتعلق بايجاد الفعل وأمر يتعلق بايجاد الداعي الباعث على إرادة ذلك الفعل ، ليكون الغرض من الأمر الأول هو إحداث الداعي الأول في ناحية المكلف على إرادته الفعل ، ويكون الغرض من الأمر الثاني هو إحداث الداعي الثاني في ناحية المكلف على إرادة إيجاد الداعي الأول ، ولا يمكن أن يتكفل الأمر الواحد بهذين الغرضين إلاّ على التركيب أو التقييد الذي قد عرفت عدم معقوليته لعدم معقولية التركيب بين الفعل وداعيه أو تقييده به.
ومن ذلك يظهر لك الخدشة فيما تضمنته الحاشية ، فانه مع التزامه بهذه السلسلة بقوله : والتحقيق أن المستحيل إنما هو تعلق شخص الاختيار الناشئ عن داع بذلك الداعي بعينه ، وأمّا تعلق اختيار آخر به غير الاختيار الناشئ منه فهو بمكان من الامكان ، قال : ولكنه بما أن المفروض ترتب الغرض الواحد على الفعلين معا ، فلا مناص عن كون الشوق أو الأمر المتعلق بهما واحدا أيضا (٢).
نعم ، لو حولنا العنوان من مرحلة الداعي إلى مرحلة القصد بالفعل ، الغيت تلك السلسلة وصار المطلوب هو الفعل المقيد بقصد العنوان ، وهذا لا يحتاج إلى تعدد الاختيار والارادة ، بل لا يكون في ناحية المكلف إلاّ اختيار واحد متعلق بالفعل المقيد بالقصد الذي هو فعل نفساني ـ سواء
__________________
(١) [ في الأصل : كما أن ، والصحيح ما أثبتناه ].
(٢) أجود التقريرات ١ ( الهامش ) : ١٦٤.