بارادة الحقيقة أو إرادة عدم المجاز أو عدم إرادة المجاز ، كل ذلك إنّما نأخذ به في مورد يكون نصب القرينة ممكنا للمتكلم ، أمّا إذا فرضنا أن نصبه للقرينة لم يكن ممكنا فلا يكون عدم ذكرها كاشفا عن شيء أصلا.
والحاصل : أنّ عدم الفعل المفروض عدم التمكن منه لا يكون كاشفا عن شيء أصلا من عدم إرادته أو إرادة عدمه أو إرادة ضده. قال الشيخ قدسسره في كتاب الطهارة بعد أن استدل على عدم اعتبار النية في إزالة النجاسات ببعض الأخبار : هذا كلّه مضافا إلى إطلاقات الأمر بالغسل عن النجاسات ، فإنّ ظاهر الأمر سقوط التكليف باتيان المأمور به بأيّ وجه كان (١).
ولكن الذي يظهر من التقريرات المنسوبة إلى الشيخ قدسسره أنّ تمسكه بالإطلاق المذكور إنّما هو بعد الفراغ عمّا أفاده في التعبديات من الاحتياج إلى أمرين ، فإنّه بعد أن بيّن بما لا مزيد عليه عدم إمكان التمسك بالإطلاق في هذا النحو من القيود ، وبيّن أنّ التعبدي يحتاج إلى أمرين ، قال ما هذا لفظه : وأما الشك في التقييد المذكور فبعد ما عرفت من أنّه لا يعقل أن يكون مفادا بالكاشف عن الطلب ، لا بد له من بيان زائد على بيان نفس الطلب والأصل عدمه ، واحتمال العقاب على ترك الامتثال يدفع بقبح العقاب من دون بيان كما هو المحرر في أصالة البراءة (٢) ، فيكون مراده من الإطلاق هو عدم الدليل على الأمر الثاني.
ثم لا يخفى أنّ صاحب الكفاية قدسسره أفاد في عدم إمكان التمسك بالإطلاق بما هذا لفظه ، قال : ثالثتها أنّه إذا عرفت بما لا مزيد عليه عدم إمكان أخذ قصد الامتثال في المأمور به أصلا ، فلا مجال للاستدلال باطلاقه
__________________
(١) كتاب الطهارة ٢ : ٩١.
(٢) مطارح الأنظار ١ : ٣٠٤.