تقييد الصلاة بقيد كونها بداعي [ الأمر ](١) احتاج الشارع إلى جعل ثان يتكفل الأمر بذلك القيد على نحو الأمر الغيري ، لا أنه عين الأمر الغيري حقيقة ، بل هو أمر نفسي لكنه نفسي بالغير على ما شرحه قدسسره (٢) في وجوب الغسل ليلا لمن وجب عليه صوم الغد ، ويكون حال هذا الأمر الثاني حال الأمر الثاني الذي تقدم (٣) في مثل قوله تستر للصلاة بعد قوله صلّ ، غير أن ذلك الأمر أعني قوله تستر للصلاة ، يكون كاشفا عن أن متعلق الأمر الأوّل أعني قوله صلّ كان مقيدا تقييدا لحاظيا بالتستر ، بخلاف الأمر الثاني فيما نحن فيه ، فانه لا يكون كاشفا عن تقيد متعلق الأمر الأوّل أعني قوله صلّ تقييدا لحاظيا بداعي الأمر ، بل أقصى ما فيه أنه يكشف عن أن الأمر الأوّل وارد على الذوات من القسم الأوّل من الصلاة أعني ما كان منها في الخارج بداعي الأمر ، من دون أن يكون الآمر قد لاحظ بأمره الأوّل تقيد الصلاة بالداعي المذكور ، بل إنه أورد الأمر على تلك الذوات ملاحظا نفسها بذاتها وإن كانت هي في واقعها واجدة لذلك القيد ، وهذا هو المراد بالتقييد الذاتي الناشئ عن متمم الجعل ، وحينئذ يكون متعلق الأوّل واجدا للمصلحة فيكون الأمر حقيقيا.
لا يقال : إن تلك الذات التي تكون بداعي الأمر تكون بمنزلة المعلول للأمر فكيف يمكن للآمر لحاظها في مقام تعلق الأمر بها ، فانه في مقام تعلق الأمر لا بدّ أن يكون لحاظ ذات المتعلق سابقا على الأمر.
لأنا نقول : إن الملحوظ في مقام الأمر هو الذات التي تكون بداعي
__________________
(١) [ لم يكن في الأصل ، وإنما أضفناه لاستقامة العبارة ].
(٢) أجود التقريرات ١ : ١٧٣ ، ٢٠٧.
(٣) في صفحة : ٤٨٨ ـ ٤٨٩.