وأما الاشكال الثاني المتوجه على التكليف الثاني من ناحية عدم القدرة على متعلقه الذي هو من سنخ الارادة ، فقد عرفت (١) انتقاضه بما ينتهي إلى الجبر بل هو إحدى شبهات الجبر.
ولكن مع ذلك فقد تعرض شيخنا قدسسره للجواب عنه حسبما حررته عنه ، بامكان الجواب عنه بأنه داخل تحت الاختيار ولو بالرياضة النفسية ... إلخ.
والأولى نقل ما حررته عنه قدسسره في هذا المقام برمّته وهذا نصّه : وما يقال على تصوير التعبدية بما أفاده الشيخ قدسسره (٢) من الجعلين ، بأن الأمر الأوّل إن سقط بمجرد الاتيان بمتعلقه بقي الأمر الثاني لغوا لا موضوع له ، وإن لم يسقط بذلك كان عدم سقوطه من جهة عدم حصول الغرض وأن العقل حاكم بأنه ما لم يحصل الغرض لم يسقط الأمر ، وإذا كان العقل حاكما بذلك فلا حاجة إلى الجعل الثاني (٣).
ففيه : ما عرفت من أن الأمر الأوّل لا يسقط بمجرد الاتيان بمتعلقه ، ولكن لا من جهة حكم العقل بأنه يلزم تحصيل الغرض ، بل من جهة الأمر الثاني الذي يكون بضميمة الأمر الأوّل منتجا نتيجة التقييد ، فان ذلك الأمر الثاني هو الملزم للمكلف بأن لا يكتفي في امتثال الأمر الأوّل بالاتيان بمتعلقه بل لا بدّ من الاتيان به بداعي أمره أو بداع قربي.
ولكن بقي إشكال وحاصله : أنا قد تقدم منا أن الداعي لا يعقل أن يكون متعلقا لارادة المكلف ، لأنه عبارة عن المحرّك للارادة نحو المراد ،
__________________
(١) في صفحة : ٤٨٨.
(٢) مطارح الأنظار ١ : ٣٠٣.
(٣) هذا المطلب مضمون ما ذكره المحقّق الخراساني قدسسره في كفاية الاصول : ٧٤.