هذا كله في أصل المبنى.
ثم لو أغضينا النظر عمّا ذكرناه من الاشكال فيه ، وقلنا إن جزئية السبب مجعولة ، يكون الرفع متوجها إلى جزئية المشكوك الذي هو المضمضة.
ثم بعد هذا ننقل الكلام في ابتناء ما نحن فيه على ذلك فنقول : لا ريب أن المصلحة ليست بمجعولة شرعا كي يندرج المقام في السببية الشرعية ، بل هي أمر واقعي ، ومدخلية الأجزاء والشرائط فيها واقعية صرفة كمدخلية داعوية الأمر ، فليس في البين مسبب شرعي ولا سببية شرعية ، ولا تكون هذه السببية إلاّ كحال سببية الالقاء في النار للاحراق في كونها واقعية ، غايته تعلق الأمر بالأجزاء والشرائط دون داعوية الأمر.
مضافا إلى ما عرفت في مبحث الصحيح والأعم (١) من كون الصلاة بالنسبة إلى المصالح من قبيل المعدّات لا من قبيل الأسباب فضلا عن كونها توليدية فضلا عن كونها شرعية. وعلى كل حال فلو كان الأمر متوجها إلى نفس المصالح فلا ينبغي الريب في لزوم الاحتياط فيها لعدم الشك فيها وإنما الشك في معدّها أو في أسبابها ، ولا مجال فيه للبراءة ، سواء كان المشكوك جزءا أو كان شرطا أو كان هو داعوية الأمر.
فان قلت : نلتزم بأن الأمر وارد على الأسباب أعني الأفعال ، لكن العقل حاكم بلزوم تحصيل الغرض من الأمر ، فان كان المشكوك مثل قصد داعي الأمر فلا مجال للبراءة فيه لعدم إمكان الأمر به ، بخلاف مثل الجزء والشرط فانه لمّا كان باب الوضع فيه منفتحا كان باب الرفع فيه أيضا
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٥٦ ـ ٥٩.