عدم حكومة العقل بلزوم تحصيلها ، فلا مانع عنده من جريان البراءة الشرعية في الأجزاء المشكوكة ، بل لا مانع عنده من البراءة العقلية إلاّ العلم الاجمالي ، وهو مختص بما لو كان المشكوك من الأجزاء دون داعي الأمر ، والبراءة الشرعية توجب انحلال العلم الاجمالي في مسألة الأقل والأكثر ، أما فيما نحن فيه فجريانها لا يتوقف على دعوى الانحلال ، إذ ليس المقام من ذلك القبيل ، بل ليس الأولي (١) وهو معلوم ، والأمر الثاني الذي هو متمم الجعل ، وهذا هو المجهول وهو الذي تجري فيه البراءة الشرعية بل البراءة العقلية أيضا.
أما صاحب الكفاية فالمانع عنده من جريان البراءة العقلية هو كون المسألة من قبيل الشك في المسقط ، وذلك جار في المسألتين ، أما البراءة الشرعية فانما تجري عنده في خصوص الأجزاء والشرائط وبها يرتفع الشك في حصول الغرض ، ولا تجري في داعي الأمر ، لأنه لو كان معتبرا لم يكن بأمر من الشارع ، وحينئذ ينحصر الايراد عليه بما تقدمت الاشارة إليه من عدم حكم العقل بلزوم تحصيل المصالح ، ولو حكم بها لم تنفع البراءة الشرعية في إثبات حصول المصلحة إلاّ على الأصل المثبت.
وينبغي مراجعة ما حررناه عن شيخنا قدسسره (٢) في هذه المسألة أعني مسألة التفرقة بين المحصّلات الشرعية والمحصّلات العادية ، وأنّ ما نحن فيه ليس من قبيل المحصلات الشرعية بل ولا المحصلات العقلية ، فانه قدسسره قد أطال الكلام في توضيح هذه الجهات في ست ليال متعاقبة فراجعه بما علّقناه هناك.
__________________
(١) [ كذا في الأصل ، والصحيح : بل ليس إلاّ الأمر الأولي ].
(٢) مخطوط ، لم يطبع بعد.