فإنّه إذا أوجد الإشارة إلى تلك الذات إمّا بأداة الاشارة وإمّا بفعل اليد ، كان ذلك إلقاء لنفس المعنى لا بواسطة حاك ، فإذا ألقى نفس المعنى إلى السامع يلتفت إليه بنفسه بلا حاجة إلى حاك ، وحينئذ يحكم عليه بنفسه ، فلا يكون المحكوم عليه إلاّ ذلك المعنى الخارجي بلا توسط حكاية أداة الاشارة عنه كي تكون اسما ، وهكذا الكلام في بقية المبهمات بل جميع الألفاظ التي اشتهر أنها أسماء متضمنة لمعاني الحروف كأين ومتى ، فإن مثل أين موضوعة للاستفهام عن المكان لا للمكان في مقام الاستفهام عنه ، بل وهكذا الكلام في جميع ما يدعى بناؤه من الأسماء لجهات من الشبه الحرفي ، فإن جميع تلك الجهات راجعة إلى الشبه المعنوي ، فالشبه الوضعي في الضمائر والشبه الافتقاري في الموصولات والشبه الاستعمالي في أسماء الأفعال كلها تصوير محض ، وإلاّ ففي الحقيقة أن هذه كلها مشابهة للحرف في المعنى ، لتضمّن الأولين الاشارة المعنوية ، والثالث مفاد الهيئة الذي هو الطلب ، فلم يبق من المبنيّات إلاّ مثل سحر وأمس وقبل وبعد والمنادى والمحكيات ونحو ذلك ، وهذه يمكن القول بأنّها لغة خاصة بها.
لا يقال : كيف تكون مثل تلك الكلمات حروفا مع أنّها تقع مدخولة لحرف الجر.
لأنا نقول : دخول حرف الجر على مثل لفظة « هذا » لا يكون دليلا على اسميته ، حيث إنّ حرف الخفض إنما هو داخل في الحقيقة على نفس المعنى الخارجي المشار إليه ، توضيح ذلك : أنه إنّما كان مثل لفظ في مختصّا بالأسماء لأنّها تلاحظ تبعا للحاظ المدخول ، فلا بد أن يكون المدخول ملحوظا مستقلا ليكون مفاد الحرف ملحوظا تبعا له ، والمفروض