الآخر ، ويتألف من ذلك الانتقال من هذا المعلول إلى علته وهو إنّي ، ثم بعد ذلك الانتقال من العلة إلى المعلول الآخر وهو لمّي ، وليس لنا عرضان منسوبان إلى معروضهما نسبة حقيقية خارجان عن هذه الأقسام الثلاثة أعني عدم الربط بينهما ، أو كون أحدهما معلولا للآخر ، أو كونهما معلولين لعلة ثالثة ، وحينئذ فما هي الواسطة في العروض مع فرض كون نسبة العرض إلى معروضه بتلك الواسطة نسبة حقيقية ، وسيأتي (١) تحقيق ذلك عند نقل كلام صاحب الحاشية إن شاء الله تعالى.
أما العارض الذي يعرض عارضا آخر مثل الشدّة العارضة للبياض العارض للجسم ، والسرعة العارضة للحركة العارضة للجسم ، فليس ذلك من قبيل الواسطة في العروض ، لأنّ الشدّة ليست من عوارض الجسم وكذلك السرعة ، وإنما هي من عوارض عارضه وهو البياض في الأول والحركة في الثاني ، ولا يتصف الجسم بالشدة ولا السرعة إلاّ باعتبار التجوّز من قبيل نسبة العرض إلى الذات باعتبار ملابسها نظير نسبة الطول إلى زيد باعتبار كونه طويل الأب ونحو ذلك من النسب المجازية مثل قولهم : جرى النهر وسال الميزاب ، هذا بالنظر إلى النظر العرفي.
وأما بحسب الدقة ومحالية قيام العرض بالعرض فليس هناك عرضان يكون الثاني منهما وهو السرعة قائما بالحركة ، ويكون الأول منهما وهو الحركة قائما بالجسم ، لما عرفت من استحالة قيام العرض بالعرض ، وقد تخلّصوا من ذلك بما يفيدونه من قولهم : إن ما به الامتياز في البسائط عين ما به الاشتراك (٢) ومفاد ذلك أن صفات العرض عين ذاته ، وحينئذ فلا
__________________
(١) في صفحة : ٣٠ ـ ٣٢.
(٢) وهذه العبارة كسائر عبائرهم المعقّدة ، والظاهر أنّ المراد هو أنّ البسائط لمّا لم