يكون في البين إلاّ عرض واحد ، فتخرج المسألة أيضا عن الوسائط الثلاثة ، فلاحظ وتأمّل.
أما البياض والسطح ، وجعل الثاني واسطة في عروض البياض على الجسم وأن المعروض الحقيقي هو السطح ، فلا يخفى ما فيه ، حيث إن نفس السطح الذي هو نفس الطول والعرض المفروض كونه من عوارض الجسم لا واقعية لاتصافه بالبياض ، وإنّما المتصف بالبياض هو نفس الجسم ، وليس السطح واسطة عروضية في ذلك ولا ثبوتية.
ولعلّ الأولى هو أخذ الواسطة بمعنى العلة ، فيقال واسطة في العروض بمعنى أنها علة في عروض العارض على معروضه ، فتنطبق على الواسطة في الثبوت. ويكون معنى الواسطة في الاثبات ما يكون علة في الاثبات. فليس لنا إلا واسطتان : واسطة في العروض وهي الواسطة في الثبوت ، وواسطة في الاثبات ، وهي شاملة للعلة التي هي الواسطة في الثبوت أعني العروض ، وللمعلول ، ولأحد المعلولين بالنسبة الى الآخر ، وهذا هو المستفاد من عبارة شرح المطالع وحاشية الشريف عليها (١).
__________________
يكن لها جنس ولا فصل ، لم يكن بينها اشتراك بحسب الذات ، بل كان كل منها مباينا للآخر بالذات ، فهذا البياض الشديد وذلك البياض الضعيف متباينان بالذات. ولا يخفى أنّ هذا جار في الفصول مثل الناطق والصاهل ، وهكذا الحال في مقابلة الجنس والفصل بمعنى المادة والصورة.
والحاصل : أنه لا اشتراك في أمثال ذلك إلاّ بعناوين انتزاعية ، بخلاف المركبات من جنس وفصل فانّ ما به الاشتراك فيها وهو الجنس مغاير لما به الامتياز وهو الفصل ، ولكن من لا يؤمن بالجنس والفصل يمكنه القول بأنّه لا مائز بين هذا النوع وهو الإنسان مثلا وذلك النوع الذي هو الفرس إلاّ بعوارض زائدة على الذات. [ منه قدسسره ].
(١) شرح المطالع : ١٩ ، وسيأتي ما يرتبط بالمقام في صفحة : ٢٢.