وقد عانت الأمة من ضروب المحن والبلاء في عهدهم بما لا يوصف فكانوا الأداة الضاربة للشعب ، فقد استخدمتهم الملوك لنهب ثروات الناس وإذلالهم وإرغامهم على ما يكرهون.
وكان الوزراء معرّضين للسخط والانتقام وذلك لما يقترفونه من الظلم والجور ، وقد نصح دعبل الخزاعي الفضل بن مروان أحد وزراء العباسيين فأوصاه بإسداء المعروف والإحسان إلى الناس ، وقد ضرب له مثلاً بثلاثة وزراء ممّن شاركوه في الاسم وسبقوه إلى كرسي الحكم ، وهم الفضل بن يحيى ، والفضل بن الربيع ، والفضل بن سهل ، فإنّهم لمّا جاروا في الحكم تعرّضوا إلى النقمة والسخط ، يقول دعبل :
ألاّ أنّ في الفضل بن سهل لعِبرة |
|
إن اعتبر الفضل بن مروان بالفضل |
وفي ابن البيع الفضل للفضل زاجر |
|
إن ازدجر الفضل بن مروان بالفضل |
وللفضل في الفضل بن يحيى مواعظ |
|
إن اتعظ الفضل بن مروان بالفضل |
إذا ذكروا يوماً وقد صرت رابعاً |
|
ذكرت بقدر السعي منك إلى الفضل |
فابق جميلاً من حديث تفز به |
|
ولا تدع الإحسان والأخذ بالفضل |
ولم أرَ أبياتاً من الشعر قبلها |
|
جميع قوافيها على الفضل والفضل |
وليس لها عيب إذا هي أنشدت |
|
سوى أنّ نصحي الفضل كان من الفضل |
ومن غرائب ما اقترفه الوزراء من الخيانة أنّ الخاقاني وزير المقتدر بالله العباسي ولِّيَ في يوم واحد تسعة عشر ناظراً للكوفة وأخذ من كلّ واحدة رشوة (١) وكثير من أمثال هذه الفضائح والمنكرات عند بعض وزراء العباسيين.
__________________
١ ـ تاريخ التمدّن الإسلامي : ج ٤ ص ١٨٢.