وامتناعهم من الولوج في أي ميدان من ميادين الإثم والباطل وهو حقّ لا شبهة فيه ، فإنّ من يمعن النظر في سيرة الأئمة الطاهرين تتجلّى له هذه الحقيقة بوضوح فالإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ـ على حدّ تعبيره ـ لو أعطي الأقاليم السبع بما تحت أفلاكها على أن يعصي الله في جلب شعيرة يسلبها من فم جرادة ما فعل ، أليست هذه هي العصمة؟
أما الإمام الحسين سيد الأحرار فإنّه لو سالم السياسة الأمويّة لما واجه أهوال كربلاء وخطوبها ، لقد كانت العصمة من أبرز ذاتيّاتهم ، ومن أظهر صفاتهم فقد كانوا يملكون رصيداً قوياً من الإيمان ، وطاقات هائلة من التقوى تمنعهم من اقترف أي ذنب من الذنوب.
إنّ العصمة بهذا الإطار لا تنافي العلم ، ولا تشذّ عن سنن الحياة ، ومن أنكرها في أئّمة أهل البيت عليهمالسلام فقد انحرف عن الحقّ ، ومال إلى الباطل والضلال .. وبهذا ينتهي بنا الحديث عن إمامته.
كان الإمام الجواد أعبد أهل زمانه ، وأشدّهم خوفاً من الله تعالى ، وأخلصهم في طاعته وعبادته ، شأنه شأن الأئّمة الطاهرين من آبائه الذين وهبوا أرواحهم لله ، وعملوا كلّ ما يقرّبهم إلى الله زلفى .. أمّا مظاهر عبادة الإمام الجواد عليهالسلام فهي :
كان الإمام الجواد كثير النوافل ، ويقول الرواة : كان يصلي ركعتين يقرأ في كلّ ركعة سورة الفاتحة ، وسورة الإخلاص سبعين مرّة (١).
وكان كثير العبادة في شهر رجب ، وقد روى الريّان بن الصلت قال : صام
__________________
١ ـ وسائل الشيعة : ج ٥ ص ٢٩٨.