صاحب خزانة رؤوس العلويّين التي تركها لابنه المهدي تثبيتاً لملكه وسلطانه وقد ضمّت تلك الخزانة رؤوس الأطفال والشباب والشيوخ من العلويّين (١). وقد ادّخرها الفاجر لآخرته ليقدّمها هدية إلى جدّهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فالويل له يوم حشره ونشره .. وقد قال أبو القاسم الرسي العلوي حينما هرب من سجنه :
لم يروه ما أراق البغي من دمنا |
|
في كلّ أرض فلمى قصر من الطلب |
وليس يشفي غليلاً في حشاه سوى |
|
أن لا يرى فوقها ابن بنت نبيّ (٢) |
وهو الذي وضع أعلام العلويين في سجونه الرهيبة حتى قتلتهم الروائح الكريهة وردم على بعضهم السجون حتى توفّوا ، لقد اقترف هذا الطاغية السفَاك جميع ألوان التصفية الجسدية مع العلويين ، وعانوا في ظلال حكمه من صنوف الإرهاب والتنكيل ما لا يوصف لفضاعته وقسوته.
أما موسى الهادي فقد زاد على سلفه المنصور ، وهو صاحب واقعة فخ التي لا تقل في مشاهدها الحزينة عن واقعة كربلاء ، وقد ارتكب فيها هذا السفاك من الجرائم ما لم يُشاهد مثله ، فقد أوعز بقتل الأطفال وأعدام الأسرى ، وظلّ يطارد العلويين ، ويلحّ في طلبهم فمن ظفر به قتله ، ولكن لم تطل أيام هذا الجلاّد حتى قصم الله ظهره.
أما هارون الرشيد فهو لم يقلّ عن سلفه في عدائه لأهل البيت عليهمالسلام والتنكيل بهم وهو القائل : ( حتام أصبر على آل بني أبي طالب ، والله لأقتلنّهم ولأقتلنّ شيعتهم ، ولأفعلنّ وأفعلنّ ) (٣) وهو الذي سجن الإمام الأعظم موسى بن جعفر عليهالسلام حفنة من السنين ، ودسّ إليه السمّ حتى توفي في سجونه ، لقد جهد الرشيد في ظلم العلويين وإرهاقهم ، فعانوا في عهده جوّاً من الإرهاب لا يقلّ فضاعة عمّا عانوه في
__________________
١ ـ تاريخ الطبري : ج ١٠ ص ٤٤٦.
٢ ـ النزاع والتخاصم للمقريزي : ص ٥١.
٣ ـ حياة الإمام موسى بن جعفر : ج ٢ ص ٤٧.