الرهيبة التي ألمّت به ، وكادت تطوي حياته ، وتقضي على سلطانه ، فقد استطاع أن يقضي على أخيه الأمين الذي كان يتمتّع بتأييد مكثّف من قِبل الأسرة العباسية ، والسلطات العسكرية ، كما استطاع أن يقضي على أعظم حركة عسكرية مضادّة له ، تلك ثورة أبي السرايا التي اتّسع نطاقها فشملت الأقاليم الإسلامية حتى سقط بعضها بأيدي الثوار ، وكان شعار تلك الثورة الدعوة ( إلى الرضا من آل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ) فحمل الإمام الرضا عليهالسلام إلى خراسان ، وكان عليهالسلام زعيم الأسرة العلويّة وعميدها ، فأرغمه على قبول ولاية العهد ، وعهد إلى جمع أجهزة حكومته بإذاعة فضائله ومآثره ، كما ضرب السكّة باسمه ، فأوهم على الثوار والقوى الشعبية المؤيّدة لهم أنه جادّ فيما فعله ، حتى أيقنوا أنّه لا حاجة إلى الثورة وإراقة الدماء بعد أن حصل الإمام عليهالسلام على ولاية العهد ، وقضى بذلك على الثورة ، وطوى معالمها ، وهذا التخطيط من أروع المخطّطات السياسية التي عرفها العالم في جميع مراحل التاريخ.
ب ـ القسوة :
وصفة أخرى من صفات المأمون البارزة ، هي القسوة ، وانعدام الرحمة والرأفة من آفاق نفسه ، أمّا ما يدعم ذلك فهو قتله لأخيه حينما استولت عليه قوّاته العسكرية ، ولو كان يملك شيئاً من الرحمة لما قتل أخاه.
كما أنّه قابل العلويّين بعد قتله للإمام الرضا عليهالسلام بمنتهى الشدّة والقسوة ، فعهد إلى جلاّديه بقتلهم والتنكيل بهم أينما وجِدوا.
ج ـ الغدر :
وظاهرة أخرى من نزعات المأمون وصفاته وهي الغدر ، فقد بايع للإمام الرضا عليهالسلام بولاية العهد ، وبعد ما انتهت مآربه السياسية دسّ إليه السمّ فقتله ليتخلّص منه.