سلفه على انتقاص الإمام ، والحط من شأنه ، وتقديم سائر الصحابة عليه.
ج ـ ولاية العهد للإمام الرضا :
وثمّة أمر آخر استند إليه القائلون بتشيّعه وهو عقدّه لولاية العهد إلى الإمام الرضا عليهالسلام وقد أخرج بذلك الخلافة من العباسيين إلى العلويين.
هذه أهمّ الأمور التي استند إليها القائلون بتشيّعه ، والذي نراه ـ بكثير من التأمّل ـ أنّ الرجل لم يكن من الشيعة ، ولم يكن يتعاطف معهم ، وإنّما صنع الأمور المتقدّمة تدعيماً لسياسته وأغراضه ، ويدلّ على ذلك ما يلي :
أولاً : إنّه كان مختلفاً كأشدّ ما يكون الاختلاف مع الأسرة العباسية الذين كانت ميولهم مع أخيه الأمين لأنّ أمه زبيدة كانت من أندى الناس كفّاً ، ومن صميم العباسيين ، أمّا أمّ المأمون فهي مراجل ، فكانت من إماء القصر العباسي ، وكان العباسيون ينظرون إليه نظرة احتقار باعتبار أمّه ، فأراد المأمون بما أظهره من التشيّع إرغام أسرته الذين كانوا من ألدّ الأعداء إلى آل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وشيعتهم.
ثانياً : إنّه أراد كشف الشيعة ، ومعرفة السلطة بهم بعدما كانوا تحت الخفاء ، ولم تستطع الحكومات العباسية معرفتهم والوقوف على أسمائهم وخلاياهم ، فأراد المأمون بما صدر منه من إحسان لهم أن يكشفهم ، وقد دلّت على ذلك بعض الوثائق الرسمية التي صدرت منه.
ثالثاً : إنه أراد القضاء على الحركة الثورية التي فجّرتها الشيعة بقيادة الزعيم الكبير أبي السرايا ، فرأى المأمون أن خير وسيلة للقضاء عليها وشلّ فعاليّاتها هو الإحسان إلى الشيعة.
هذه بعض الأسباب التي أدّت إلى تظاهر المأمون بالتشيّع ، والتزامه ببعض القضايا التي تذهب إليها الشيعة.