( أحببت أن أكون جدّاً لامرأة ولده رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعليّ بن أبي طالب عليهالسلام ).
وفيما اعتقد أنّ هذا ليس هو السبب الحقيقي في هذه المصاهرة ، فإنّ المأمون لم يؤمن بقرارة نفسه في هذه الجهة ، ولو كان صادقاً فيما يقول لما اغتال الإمام الرضا عليهالسلام وما أوعز إلى جهاز حكومته بمطاردة العلويّين وقتلهم.
٢ ـ إنّ الذي دعا المأمون إلى ذلك إعجابه بمواهب الإمام الجواد عليهالسلام وعبقرياته التي أصبحت حديث الأندية والمجالس ، وهذا الرأي لم يحظ بأي تأييد علمي.
٣ ـ إنّه أراد التمويه على الرأي العام بإظهار براءته من اغتياله للإمام الرضا عليهالسلام فإنّه لو كان قاتلاً له لما زوّج ابنه من ابنته.
٤ ـ إنّه حاول الوقوف على نشاط الإمام الجواد عليهالسلام والإحاطة باتّجاهاته السياسية ، ومعرفة العناصر الموالية له ، والقائلة بإمامته ، وذلك من طريق ابنته التي ستكون زوجة له.
٥ ـ لعلّ من أهم الأسباب ، وأكثرها خطورة هو أنّ المأمون قد حاول من هذه المصاهرة جرّ الإمام إلى ميادين اللهو واللعب ليهدم بذلك صرح الإمامة الذي تدين به الشيعة ، والذي كان من أهمّ بنوده عصمة الإمام وامتناعه من اقتراف أي ذنب عمداً كان أو سهواً ، وكان من الطبيعي أن يفشل في ذلك فإنّ الإمام عليهالسلام لم يتجاوب معه بأيّ شكل من الأشكال ، ولو كان في ذلك إزهاق نفسه ، أمّا ما يدلّ على ذلك كلّه فهو ما رواه ثقة الإسلام الكليني قال ما نصّه : ( احتال المأمون على أبي جعفر عليهالسلام بكلّ حيلة (١) فلم يمكّنه فيه شيء ، فلمّا اعتلّ وأراد أن يبني عليه ابنته (٢) دفع إلى مائتي وصيفة من أجمل ما يكون إلى كلّ واحدة منهنّ جاماً فيه جوهر
__________________
١ ـ أراد أن ينادمه الإمام ، ويدخل معه ـ والعياذ بالله ـ في ميادين الدعارة.
٢ ـ يبني عليه ابنته : أي يزفّها إليه.