الإمام موسى بن جعفر ، وأحد أعلام الأسرة العلوية في عصره ، كان ممّن يقدّس الإمام الجواد عليهالسلام ويعترف له بالفضل والإمامة ، فقد روى محمد بن الحسن بن عمارة قال : كنت عند عليّ بن جعفر جالساً بالمدينة وكنت أقمت عنده سنتين أكتب ما سمع من أخيه ـ يعني الإمام أبا الحسن موسى ـ إذ دخل أبو جعفر محمد بن عليّ الرضا عليهالسلام مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فوثب عليّ بن جعفر بلا حذاء ولا رداء ، فقبّل يده وعظّمه ، والتفت إليه الإمام الجواد قائلاً :
( اجلس يا عمّ رحمك الله .. ).
وانحنى عليّ بن جعفر بكل خضوع قائلاً :
( يا سيدي ، كيف أجلس وأنت قائم .. ؟ ).
وانصرف الإمام الجواد عليهالسلام ورجع عليّ بن جعفر إلى أصحابه فأقبلوا عليه يوبخونه على تعظيمه للإمام مع حداثة سنّه قائلين له :
أنت عمّ أبيه ، وأنت تفعل به هذا الفعل .. ؟ ).
فأجابهم عليّ بن جعفر جواب المؤمن بربّه ودينه ، والعارف بمنزلة الإمامة قائلاً :
( اسكتوا إذا كان الله ـ وقبض على لحيته ـ لم يؤهل هذه الشيبة ـ يعني الإمامة ـ وأهّل هذا الفتى ، ووضعه حيث وضعه ، نعوذ بالله ممّا تقولون. بل أنا عبد له .. ) (١).
ودلّل علي بن جعفر على أن الإمامة لا تخضع لمشيئة الإنسان وإرادته ولا تنالها يد الجعل الإنساني ، وإنما أمرها بيد الله تعالى فهو الذي يختار لها من يشاء من عباده من دون فرق بين أن يكون الإمام صغيراً أو كبيراً.
__________________
١ ـ بحار الأنوار : ج ١٢ ص ١١٧ ، أصول الكافي : ج ١ ص ٣٨٠.