ولأنّه يرى أنّ النصر لا يتمّ إلاّ بهذه القرابين وبهذه الضحايا. وأخيراً نرى الإمام الحسين (عليه السّلام) انتصر على عدوّه بعد استشهاده من ناحيتين :
الناحية الاُولى : إنّ ثورة الإمام الحسين (عليه السّلام) كانت العامل الرئيسي الذي لعب دوراً هامّاً في كشف أباطيل الحكّام المنحرفين عن الخطّ الإسلامي السليم ، وانتزاع السلطة التشريعية من أيديهم بعد أن كان الخليفة يحكم ويشرّع كما يحبّ ويرغب وفق ميوله وأهوائه ، فيحرّم ما أحلّه الله ورسوله ، ويحلّل ما حرّم الله ورسوله.
فالإمام الحسين (عليه السّلام) استطاع بثورته الخالدة أن ينتزع تلكم السلطة من يد الخليفة المنحرف بأفكاره وسلوكه آنذاك ، وأفهم الرأي العام الإسلامي بأنّ الخليفة ليس له حقّ في تشريع أيّ حكم ، وإنّما التشريع منحصر في الكتاب والسنّة وما يؤدي إليهما ، كما قال تعالى : (وَما كانَ لِمُؤْمِن وَلا مُؤْمِنَة إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) (١).
__________________
(١) سورة الأحزاب ص ٣٦.